حتى لا نخطئ التقدير في الكلام ونتهم بالغوص في الظلام، فإنه واجب علينا أن نسمي الأشياء بمسمياتها، ونشخص المعاناة بجميع أشكالها. فإن تكلمنا عن أشكال التهميش، فإن علينا اتخاذ مدينة الفنيدق نموذجا لكل أشكال العشوائية والتطرف والتسيب والفقر والتخبط، وكأنه مكتوب علينا في هذه المدينة أن نعاني ما هو أشد وأقصى، ونتحمل مشقات ما أفسده غيرنا عبر نهب ثروات البلاد والعباد وتركه يعاني بين الحدود الوهمية واحتلال الشوارع الرئيسية، لتترك المدينة في ظل واقع يتخبط فيه الفقر والعشوائية . إن الوضع بمدينة الفنيدق، أصبح يدق ناقوس الخطر لكونه ينتقل من سيئ إلى أسوأ ، خاصة مع انعدام أية بوادر للخروج من هذا النفق المظلم. فمن جهة، هناك مستقبل ضبابي مجهول وربما ملغوم يلوح في أفق المدينة، وما يزكي ذلك ما يتداول عنها من كونها تحتل مرتبة متقدمة في تصدير التطرف نحو بؤر الصراع والأزمات، ومن جهة أخرى، فمستقبل المدينة مرهون بالتهريب المعيشي، مما يجعل ساكنتها مهددة بالإفلاس إن تم إغلاق معبر سبتةالمحتلة في وجهها، واللجوء إلى فرض تأشيرة العبور على ممتهني التهريب المعيشي الوافدين على المنطقة من الجوار أو بقية المدن المغربية، في رحلة بحث عن لقمة عيش حتى ولو عرضت كرامتهم الإنسانية للذل والاحتقار . لذا فإنه ولكل تلك الاعتبارات، سواء كانت اجتماعية أو إنسانية، ومن هذا المنطلق فقط، يمكن لنا أن نتصور أن مستقبل المدينة يعرج بنا نحو طريق مسدود ومظلم ليس به أية آفاق واضحة المعالم نحو مستقبل مضمون، وبالتالي فإن هذا الواقع يجعلها على كف عفريت وفوق صفيح ساخن، بحيث أن الوضع يزيد تأزما يوما بعد يوم، ومساحة الفقر والهشاشة تزدادا توغلا واتساعا، ومع كل هذا الوضع المحفوف بالمخاطر على المستوى الاجتماعي خصوصا، فإنا نرى أن مسؤولينا لا يبالون بما يجري، رغم خطورته على الأمن والاستقرار الاجتماعي، وهو ما ينذر بعواقب قد تكون وخيمة على المدينة وساكنتها إن سارت الأمور على نفس المنوال…