اختتمت جلسات ليالي الشروق بتطوان دورتها الثالثة مؤخرا ، بتنظيم ندوة حول القضاء المغربي بين الماضي والحاضر ألقاها عبد العلي العبودي الباحث في تاريخ القضاء المغربي. والتي يشرف على تنظيم هذه الجلسات العلمية عبد السلام الغنامي ، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بالرباط جامعة محمد الخامس، واعتبر المحاضر أن المغرب اعتمد في نظامه القضائي قبل الحماية الأجنبية على أحكام الشريعة الإسلامية والمذهب المالكي ،و الالتزام بقواعد الأخلاق والموضوعية في الأحكام. وبحسب المحاضر فقد ظل المغرب، يعتمد على القضاء الإسلامي الذي يستمد منه أحكامه، إلى أن فرضت عليه الحماية التي عملت على إصدار تشريعات أحدثت بمقتضاها محاكم جديدة لم تكن معروفة من قبل، واستمر العمل بهذا التنظيم القضائي إلى أن حصل المغرب على الاستقلال حيث ظهرت محاكم جديدة . وكشف المحاضر خلال هذا اللقاء الذي حضرته فعاليات قضائية وثقافية وفكرية ،من مختلف المدن المغربية، ان أول محاولة لتنظيم المسطرة المتبعة من المحاكم تعود إلى المنشور الوزيري المؤرخ في يونيو 1916. فضلا عن بعض الظهائر التي تتعلق بأمور تنظيمية تخص قسم العدول وضبطه . وانتظم القضاء المغربي قبل الحماية بحسب المحاضر في أربعة أشكال من المحاكم، وهي: المحاكم الشرعية، المحاكم المخزنية، المحاكم العبرية ثم المحاكم القنصلية. ولم تعمل سلطات الحماية على تجاوز العيب الأساسي الذي اتصف به هذا القضاء المخزني بعد الخلط بين السلطة التنفيذية بالسلطة القضائية. من خلال المحاكم المخزنية التي عرفتها البلاد طيلة عهد الحماية لأنها كانت تهدف خدمة مصالحها الاستعمارية المرتبطة بالفرنسيين والأجانب. ويضيف عبد العلي العبودي أن إدارة الحماية بالمغرب عملت الى إصدار ظهيرين في ماي 1918 أحدثت بمقتضاهما محاكم عبرية يشتمل اختصاصهما كل ما يدور حول قانون الأحوال الشخصية والإرثية لليهود المغاربة. وتتألف المحاكم من الحاخامات الحكام المفوضين، والمحاكم العبرية الإقليمية، والمحكمة العبرية العليا بالرباط. وأشار الباحث الذي يعتبر مرجعا في البحث العلمي في تاريخ القضاء المغربي ، الى إحداث المحاكم العرفية من طرف فرنسا بعد دخولها إلى المغرب، بهدف فصل القبائل البربرية عن سلطة سلطان المغرب، حتى تبقى قبائل العرف خاضعة لقوانينها وأعرافها الخاصة، واضعة أسس تنظيم قضائي عرفي صدر في 1915 . كما أوضح أن سلطة الحماية أحدثت قسما خاصا بالمحكمة العليا ، عرف بالقسم الجنائي العرفي، وتحكم هاته المحاكم العرفية بمقتضى الأعراف حتى في مسائل الأحوال الشخصية والميراث. مشيرا أن سلطات الحماية عملت على إنشاء المحاكم الفرنسية يفوق اهتمامها بالمحاكم المغربية، تتعلق بمحاكم محلية ومحاكم ابتدائية ومجلس الاستئناف الداخلة تحت الحماية الفرنسية. وذكر المحاضر أن فرنسا أنشأت المحاكم القنصلية المبنية على الامتيازات الأجنبية التي يتمتع بها الأجانب في المغرب قبل الحماية، والتي كانت تخولهم الحق في التقاضي لدى قناصل دولهم وبمقتضى قوانينها و السهر على مصالح الرعايا الأجانب. واختتم الباحث عبد العلي العبودي بالدور الكبير الذي قام به المغرب بعد حصوله على الاستقلال، إذ عمل على إدخال مجموعة من التعديلات على قواعد التنظيم القضائي، إذ ألغيت بعض المحاكم واحتفظ ببعضها ، كما أحدثت أخرى.. مشيرا أن الحكومة الأولى بعد الاستقلال اصدرت ثلاثين نص تشريعيا لمحو الاثار السلبية من القضاء المغربي ، بعد أن عملت فرنسا على محو القضاء الشرعي .