تتلخص الحكاية المؤطرة لحكايات "ألف ليلة وليلة"..في أن "شهريار" الملك الجبار فاجأ زوجته تخونه مع "عبد" أسود..قتل العبد وقتل زوجته..وبدأ يتزوج كل يوم "امرأة" ليقتلها في صباح اليوم التالي..انتقاما لكرامته المجروحة..حتى جاءت "شهرزاد" المتعلمة ابنة الوزير وبدأت تغويه بحكي حكاية كل ليلة..تتركها مفتوحة في عقدة ما تثير فضول "شهريار" الملك القاتل..ويتركها لليلة التالية..حتى يعرف تتمة الحكاية..لكن الحكايات تتشابك..وتتعالق.. وتتوالى معها الليالي..حتى ألف ليلة وليلة..حيث سيتحرر شهرزاد من عقدة قتل النساء..بسحر الحكاية الفاتن..ويقع أسيراً في حب "شهرزاد" الفاتن سردُها.. لم تمارس "شهرزاد" سحرها وفتنتها بناءً على "أنوثتها" فحسب..بل باعتبارها "لساناً سَرْدياً" أيضاً.. أي استمدت سلطتها على "شهريار " من قوة "الحكي" وجبروته..الحكي باعتباره فناً وإبداعاً..ليس في متناول الجميع.. يذكرني موقف "شهرزاد" ب"الحكواتي" في ساحات "تطوان"..وأنا صغير..كان الحكواتي لا يجمع النقود من المتحلقين حوله إلا بعد أن يوقف الحكاية في "عُقدة ما"..ولا ينهي "أمسيته" إلا بنفس الطريقة..ليضمن مجيئهم غدا..؟هل تعلم الحكواتي من شهرزاد وهما معاً يقاومان الموت..شهرزاد الموت المباشر..والحكواتي الموت جوعاً.. ؟.. "احكي حكاية وإلا قتلتك"..ذلك هو المبدأ التي تقوم عليه "ألف ليلة وليلة"..الحكي لمواجهة الموت..الحكي للاستمرار في الحياة..الحكي لتغيير الحياة أيضاً..الحكي باعتباره إبهاراً وفتنةً وغواية..سيجعل "شهريار" يغير موقفه..لكن ألا يمكن أن يكون موقف "شهريار"..أيضا..مبنياً على حكايات سابقة حول "الخيانة" و"المرأة" "والفحولة" و"المُلك" و"القوة"..مما يجعل "حكايات" شهرزاد مجرد "إلغاء لمفعول" حكايات سابقة؟..وبناءً عليه..ألا يمكن اعتبار "التغيير" ما هو إلا تغيير لمفعول "حكايتنا" السابقة عن الحياة ب"حكايات" أُخَرٍ لها مفاعيل مغايرة..مختلفة وجديدة؟؟..