كتب : يوسف بلحسن في سنة 1992 وفي إطار مهمة صحفية ،زرت الجزائر في طريقي إلى مصر،لحظتها كانت الحرب الأهلية الجزائرية في بدايتها،ورغم أننا في رحلة السفر لم نمكث طويلا في بلاد الشيخ عبد القادر إلا أن الانطباعات التي ظلت عالقة في ذهني، ومند تلك الفترة، هي أن الجزائر صورة أخرى لبلدي،نفس أسماء:الشوارع، المدن،القرى،الناس، الطبائع، التصرفات… وأذكر أنني لحظتها قلت: "الله ينعل والديها فرنسا، فرقت بيننا وأشعلت نيران الحرب بين الأخوة بطرق ملتوية،ثم انصرفت كالحية بعدما لدغت…" نحن كشعب نفرح لإخوتنا الجزائرين في فرحهم ونتألم لآلآمهم ، في سنة 2009 احتضنت تطوان البطولة الإفريقة للأمم لكرة الطائرة أذكر لحظتها-وقد كنت مسؤولا إعلاميا في الدورة- أن جمهور تطوان ساند بقوة منتخب الجزائر في مقابلاته وكان أحسن داعم لهم، وفرحة "الخضر" بالتأهل للمونديال عبر عنها المغاربة بكل الطرق ،ولكني أعتقد أنهم هناك في الجزائر يفرحون بشكل مختلف كليا فقد شاهدت مؤخرا فرحا /عرسا جزائريا/واعتقدت لوهلة أنهم "يطرطقون" البارود مثلنا نحن جبالة إلى أن "طرطق"شريط الفيديو أذني بويل القرطاس الحقيقي" الجويجا" وبشكل مبالغ..وساعتها فهمت أكثر،النكث السوداء للكوميدي الجزائري الرائع Fellag في djurassique bled ( أدعوكم لمشاهدته). أحببت جزائر: الأرض والناس، لأشياء كثيرة، ولا زلت أمني نفسي بالعودة لزيارتها ولقضاء فترة أطول. في فترة المراهقة والشباب تعلقت بأغاني الراي :مامي وحسني -أكثر من خالد -وعرفت أن أصل هذا الفن الموسيقي مستمد من روائع:العنقى والحاج ليونسي صاحب رائعة:"لو كان عندي الباسبور لخضر".أحببت جزائر الكتابة والادب وتولعت بالجزائر لما فازت الجبهة الاسلامي للانقاد FISبأول انتخابات نزيهة ، كان عباس مدني والزعيم الشاب علي بلحاج نموذجا لنا وكنا نرى فيه بداية مشروع إسلامي سريعا ما سينتشر في كل العالم الإسلامي بفعلl'effet domino،لولا ما فعله العسكر هناك وما تسببوا فيه من مآسي (ولفهم ما جرى هناك تكفي قراءة كتاب la salle guerre للعسكري السابق حبيب سوعايدي)،ولذلك أكره اليوم عسكر فرعون مصر السيسي. ما يجمعنا بالإخوة في الجزائر أكثر مما يفرقنا،ويوم يحس أولي الامر بأن سعادتنا في وحدتنا سيغيرون مواقفهم وسيدفعون نحو التكثل أكثر من التفريق وسيتوقفون عن النفخ في مزمار دولة وهمية في صحراء كانت عبر التاريخ البعيد والقريب جزء من كياننا، ويوم يفهم عسكر الجزائر أن ملف الصحراء يستحيل أن يحل خارج سيادة الدولة الأم والأصل- لأن ذلك هو قرار الشعب ولن يستطيع تغييره أي سياسي مهما كانت درجته- سيعجلون بفتح باب الحوار الحقيقي. شخصيا أرفض أن أكون مجرد كبش يؤمر بالفرح أو بالحزن عندما يقر ر غيري ذلك وبدون استشارتي.. أعرف أن البعض-وهم قلة- ولأي سبب سيتصرف خطأ هنا وهناك، وأعرف أن فرحتنا لن تكتمل مادامت مصالح الكبار ولعب السياسة تفوق كل الآمال ولكني أرفض أن أساهم بأي حال في زيادة الزيت على النار ففي آخر المطاف تلك النار ستحرق "اخضرنا واحمرنا" وادعو الله أن يؤلف بين قلوبنا ويهدينا للوحدة …وحالما أتوصل بدعوة من الإخوة الجزائريين سأعود بلهفة لزيارتهم والى ذلك أقول لهم مرحبا بكم عندنا: روح، نحوسوا، يا خويا.