لا يختلف اثنان في أن إصلاح مرفق النقل الحضري بمدينة تطوان ،صار يمثل خلال السنوات الأخيرة ضرورة ملحة،خصوصا بعد التنمية التي شهدتها مدينة تطوان و نواحيها على العديد من الأصعدة،و بقي هذا القطاع الحيوي بأساطيله العتيقة ،يغرد خارج السرب، ويتحدى الزمن ،و بعد تهيئة مختلف شوارع المدينة ،أصبح مشهد مرور تلك الحافلات غير المأسوف عليها أشبه بلوحة سوريالية ،حتى أنه يخيل إليك أن تلك الحافلات جئ بها من أجل تأثيت فضاء مشهد سينيمائي يعود إلى الأزمنة الغابرة. و كان أن استبشر الجميع خيرا بقدوم الشركة الجديدة فيطاليس ،خصوصا و أن السيد رئيس الجماعة الحضرية لتطوان ،كان لا يفوت أية فرصة يصادفها،كي ينظم قصائد الغزل و النسيب في الشركة الجديدة و مواصفاتها العالية ،و تقنياتها المتطورة التي تستجيب للمعايير الدولية ،كما كان يؤكد خلال جميع الاجتماعات أن الشركة الجديدة ستتولى تشغيل عمال و مستخدمي الشركات السابقة مع الحفاظ على حقوقهم المكتسبة وفق القوانين المعمول بها،و عند اللحظة الحاسمة انحنى رئيس الجماعة الحضرية للعاصفة ،وتهرب من مسؤوليته السياسية و الأخلاقية وترك العمال المغلوبين على أمرهم في مواجهة الشركة الجديدة "اذهبا أنت و ربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون"،عوض أن يتحمل مسؤوليته ،و يستعمل صلاحياته كسلطة مفوضة و كرئيس للجنة التتبع ،من أجل إجبار الشركة المفوض لها على احترام القانون ،و الالتزام ببنود عقد التدبير المفوض في ما يخص الشق الاجتماعي. إن موقف رئيس الجماعة الحضرية هذا لموقف مخز ،عار أن يصدر عن سياسي مسؤول ينتمي لحزب يتشدق قياديوه بالدفاع عن الفئات المستضعفة ،و يتغنون بالعدالة الاجتماعية و المساواة.الآن العمال و المستخدمون تفرقت بهم السبل،منهم من رضخ للأمر الواقع ،و انتسب للشركة الجديدة بشروطها المجحفة و عقود عملها التي لا يعرف بنودها إلا الله و مسؤولو فيطاليس ،و منهم من أبى أن يستكين ،و أن يكون لقمة سائغة ،و اختار اللجوء إلى القضاء لاسترجاع حقوقه المهضومة. لا شك أن الإصلاح الحقيقي و المرغوب فيه ،لأي قطاع ،لا يمكن تحقيقه ،دون تبني مقاربة تشاركية شمولية، تراعي الجانب الاجتماعي باعتباره جوهر الإصلاح.أما ذر الرماد في العيون عبر الحديث عن الحافلات الجديدة و التقنيات المتطورة في وقت يتم فيه قطع أرزاق شريحة لا يستهان بها من عمال ومستخدمو الشركات السابقة الذين وجدوا أنفسهم فجأة يخيطون شوارع المدينة من هول الصدمة و بؤس العطالة. و عملا بالآية الكريمة "ولا تبخسوا الناس أشياءهم" نعترف بأن رئيس الجماعة الحضرية لتطوان ،و إن كان تنكر للعمال و المستخدمين الذين لا قبعة و لا لون سياسي لهم يحميهم في أوقات الشدة ،فقد بذل مساعي حميدة و حثيثة و استطاع أن يشغل أناسا محسوبين عليه و يدورون في فلكه،خصوصا إحدى الكاتبات التي ساعدته في حملته الانتخابية الأخيرة حيث قام مشكورا بالتوسط لها لدى الشركة الجديدة ،أما الباقون فلهم رب يحميهم.