أوردت جريدة "المساء" في عددها الصادر يوم الخميس 13 يونيو الجاري خبرا طريفا مفاده أن رئيس الجماعة الحضرية لتطوان محمد إدعمار المنتمي لحزب "العدالة والتنمية"، وجه رسالة إلى مدير شركة أمانديس يطلب منه فيها توظيف ابنة المكلف بالكتابة العامة علي البدوي، مرفقا مع هذه الرسالة نسخة من سيرتها الذاتية والشهادات الأكاديمية التي حصلت عليها. طرافة هذا الخبر تكمن في كون الرسالة قد تم توجيهها بطريقة رسمية، حيث تم تسجيلها بكتابة ضبط الجماعة، واستقبلها مكتب ضبط الشركة، فاعتبرتها إدارة الشركة سابقة في تاريخ العلاقة ما بين المؤسستين، حيث كان الرؤساء السابقون يقدمون ملتمساتهم وتوصياتهم بواسطة الهاتف أو بواسطة الاتصال المباشر، مفضلين العمل بالحديث النبوي: "استعينوا على قضاء حوائجكم بالسر والكتمان". ولكن يبدو أن إدعمار آثر الخروج عن هذه القاعدة، خاصة وأنه قد تولد لديه شعور منذ تنصيب حكومة عبد الإله بنكيران أن الشركات التي تقوم بتدبير المرافق الجماعية، سواء في إطار "التدبير المفوض" أو شركة التنمية المحلية"، تخضع لسلطته المباشرة، وبالتالي فهي يجب أن تمتثل لأوامره بدون مناقشة، حتى ولو كانت هذه الأوامر خارج البنود التعاقدية، ولا علاقة لها بحسن تقديم الخدمات لعامة المواطنين، ولكن للأسف فإن هذه الأوامر غالبا ما تكون لها صلة بمناصب الشغل التي يمكن أن توفرها. إن الرئيس إدعمار وجد نفسه في ورطة أمام المطالب الملحة لشبيبة الحزب، قصد إيجاد مناصب الشغل لها، والموعودين بها خلال كل حملة انتخابية، خاصة وأن التعديلات التي طرأت على قانون الوظيفة العمومية حرمته من استخدام سلطته في التوظيف المباشر، وأصبحت المناصب الشاغرة تخضع لنظام "المباراة"، التي تشرف عليها وزارة الداخلية بكيفية مباشرة، وبالتالي لم يجد أمامه سوى شركات "التدبير المفوض" للمرافق الجماعية. كانت البداية ، عندما قام بطرد جميع المستخدمين الإداريين بشركة "تيكمد" التي كانت تسهر على تدبير جمع النفايات بمدينة تطوان، في تحد سافر لقانون "التدبير المفوض" ومدونة الشغل، التي تلزم بنودهما بواجب الاحتفاظ بجميع المستخدمين في حالة تغيير تسيير شركات التدبير المفوض بشركة أخرى، وتم تعويض المطرودين، الذين لم يجدوا من ينصفهم سوى القضاء، بعدد لا يستهان به من شبيبة الحزب، وفي مقدمتهم كاتبها الإقليمي، ثم بعض المقربين من الرئيس مثل أخ المكلف بالكتابة العامى السابق الذكر، الذي تمت تزكية ابنته للتوظيف بشركة أمانديس كمكافأة له عن نهاية الخدمة، حيث سيحال على التقاعد في غضون الأسابيع القليلة القادمة. وفي نفس الإطار قام الرئيس "الملتحي" بإعطاء تعليمات مشددة لشركتي جمع النفايات، بعدم تشغيل أي مستخدم في الوقت الحالي، إلى حين اقتراب موعد الانتخابات الجماعية. هنا تتضح لنا زيف الشعارات التي يحملها حزب العدالة والتنمية خلال كل محطة انتخابية، وفي مقدمتها تخليق الحياة الإدارية ومحاربة المحسوبية والزبونية، وإرساء الشفافية في الاستفادة من الخدمات التي تقدمها الإدارة، وعلى رأسها النزاهة في إسناد مناصب الشغل، وإخضاعها لمبدأ تكافؤ الفرص المبني على الكفاءة والاستحقاق. إلا أن هذا السلوكات ليست غريبة عن الحركات الإسلامية، التي ما أن تصل إلى السلطة حتى تكشف عن أنيابها، من خلال سعيها الحثيث إلى تحويل المؤسسات التي تسيرها لتصبح في خدمة الحركة والحزب، والعمل على إقصاء كل من يعارضها سياسيا، لأنها تعتبر نفسها دائما على "حق" وإن أخطأت، لأنها تمثل "الإسلام" والآخرون دائما مخطئون، ولو كانوا على صواب، لأنهم يمثلون "الباطل" إن خير وصف لتسيير الحركات الإسلامية للشأن العام، ما قاله الصحفي المصري إبراهيم عيسى "الكفاءة منعدمة والكارثة قادمة".