شكلت سنة 2018، بكل تأكيد سنة المعارك القانونية، والمفاوضات السياسية، والعمل الدبلوماسي المكثف بين الرباطوبروكسيل، من اجل اعادة تحديد، التوجهات الجديدة للتعاون متعدد الاشكال على أسس أكثر متانة. وتولدت عن هذا التجاذب الصحي والطبيعي في علاقات الجانبين التي يعود تاريخها لأزيد من نصف قرن، قناعة قوية مفادها ان الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأروبي صلبة ولا تتزعزع. فبعد ان تجاوزا المرحلة القضائية ، خاصة في موضوع شمول اتفاقي الفلاحة و الصيد والبحري للمنتجات المتأتية من الاقاليم الجنوبية للمملكة، ثم الاتفاق الاخير حول النقل الجوي بين المغرب والاتحاد الاروبي، يتجه الشريكان نحو المستقبل،من خلال التفكير في توسيع علاقاتهما في افق إقامة منطقة للتبادل الحر كاملة ومعمقة، دون إغفال الجوانب الأخرى للتعاون خاصة المتعلقة بالهجرة والامن . فخلال هذه السنة التي تشرف على نهايتها، لم تكن المفاوضات من اجل تجديد اتفاقي الصيد البحري ، والفلاحة، سهلة، حيث تم عقب عدة جولات من المشاورات الدبلوماسية المتواصلة بين الرباطوبروكسيل، التوقيع على الاتفاقين قبل اعتمادهما على مستوى الهيآت التنفيذية للاتحاد الاروبي وخاصة اللجنة الاروبية والمجلس الاروبي. بعد ذلك جاءت "معركة" لجان البرلمان الاروبي ( الشؤون الخارجية، والميزانية، والصيد البحري والفلاحة والتجارة الدولية): التي تميزت بمناقشات ،و تعديلات، تعديلات مضادة، زيارات ميدانية، دون الحديث عن الضربات الفاشلة، والحملات الاعلامية اليومية المعادية ،والدسائس التي تحاك من قبل خصوم الوحدة الترابية للمملكة، والتي كان يتعين كشفها ودحضها طيلة هذا المسلسل، بفضل دبلوماسية رسمية، وبرلمانية نشطة، وتعبئة، ويقظة ومستمرة. وتميز هذا المسار بنقاشات صريحة استندت الى حجج وبراهين مع النواب أعضاء مختلف لجان البرلمان الأروبي، حول استفادة السكان المحليين من الموارد الطبيعية بالاقاليم الجنوبية،وموافقتهم ورغبتهم في ضرورة تجديد هذين الاتفاقين، وهما شرطان تشدد عليهما محكمة العدل الاروبية في كل قراراتها، والذين استوفتهما اللجنة الاروبية عبر استشارات واسعة قبل التوقيع بالاحرف الاولى على الاتفاقين. ضمن هذا المسار الايجابي أولى النواب الأروبيون اهتماما كبيرا للحجج والبراهين التي بسطتها مختلف الوفود التي جاءت من الاقاليم الجنوبية للدفاع عن تجديد هذين الاتفاقين، وإبراز مستوى النمو الاقتصادي والاجتماعي الذي تحقق بهذه الاقاليم. وتعززت هذه المبادرات من خلال عمل للقرب والاقناع، خاصة عبر نقاشات بالبرلمان الأروبي حول مختلف أوجه الشراكة الاوربية – المغربية، واتصالات بين مسؤولين مغاربة وأروبيين. ويوجد هذان الاتفاقان حاليا في مرحلتهما النهائية، على مستوى اللجان البرلمانية، قبل تبنيهما في جلسة عامة، ليدخلا حيز التنفيذ خلال الربيع المقبل على أقصى تقدير. وكان آخر تصويت حاسم على مستوى لجنة التجارة الدولية بالبرلمان الأروبي، التي تبت في قضايا العمق، ذاك الذي تمت الموافقة خلاله باغلبية ساحقة على الاتفاق الذي يوصي بشكل صريح على توسيع التفضيلات التعريفية لتشمل المنتوجات التي مصدرها الاقاليم الجنوبية للمملكة. وفي اليوم نفسه وافقت لجنة الميزانيات بالبرلمان الأروبي، باغلبية واسعة لفائدة تبني اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الاروبي. واكد القضاء الاروبي من ناحية اخرى التوجه الايجابي الذي يميز تطور العلاقات الثنائية ، حيث وجهت المحكمة الاروبية في الخامس من دجنبر صفعة جديدة للبوليساريو، برفضها الطعن الذي قدمته من اجل الغاء الاتفاق الجوي بين المغرب والاتحاد الاروبي. ولاشك ان التصويتين لفائدة تبني اتفاقات الشراكة مع المغرب، والقرار الاخير للقضاء الاروبي، وضعا حدا للمحاولات اليائسة للبوليساريو بهدف المس بالالتزام القوي للمغرب والاتحاد الاروبي، بتعزيز شراكتهما الاستراتيجية، وتعميق تعاونهما المثمر، في مختلف المجالات، والتوجه بالتالي نحو المستقبل.