اشتدت حدة الصراع الدائر بين الكارتل المالي في الجزائر مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة عمليًا في شهر أبريل المقبل، وسط مخاوف سياسية من تدخّل رجال الأعمال في الشأن السياسي بما يخدم مصالحهم ويُسهّل سيطرتهم على مقدّرات البلاد. وفي تطور ملحوظ، شن رئيس تجمع أكبر رجال الأعمال في الجزائر، علي حداد، هجومًا لاذعًا على أحد أثرياء البلاد، رجل الأعمال يسعد ربراب متهمًا إياه ب"الجحود ونكران دعم الدولة له". وقال حداد في تجمع شعبي بمحافظة عنابة شرق البلاد، إن المنظمة التي يرأسها وتضم كبار المتعاملين الاقتصاديين "لا تؤيد العدمية وجحود البعض الذين ينسبون النجاحات والإنجازات بشكل منهجي إلى حنكتهم الحادة الوحيدة وإتقانهم لفن المقاولاتية، بينما يُبررون الفشل بالمعوقات الوحيدة التي تأتي من السلطات العمومية أو حتى من اليد الخفية". وتأتي تصريحات رئيس منتدى رؤساء المؤسسات، في أعقاب خرجة إعلامية مدوية لرجل الأعمال، مالك مجمع “سيفيتال” يسعد ربراب من فرنسا خلال تصريحاته على قناة “فرانس 24″، حيث اتهم خلالها أيادي خفية تحكم الجزائر بعرقلة مشاريعه الاستثمارية. وعن قصده بالأيادي الخفية، أوضح يسعد ربراب في نفس الحوار المتلفز ” البعض يقول، وأنا لست متأكدًا أن الأمر يتعلق ببعض المليارديرات”، مشددًا على أن ” لا أحد مستفيد من هذه الوضعية (عرقلة المشاريع الاقتصادية) بالنظر إلى أن “الجزائر بحاجة إلى خلق الثروة وفرص عمل”. ويبدو أن تصريحات ربراب أزعجت السلطات الجزائرية كثيرًا وهو ما يفسر رد رئيس نادي رؤساء المؤسسات علي حداد، الذي يسوق له على أنه من بين المقربين من محيط الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة. إلى ذلك، إهتمت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الاثنين، بعرقلة مشاريع مجموعة سيفيتال للملياردير القبائلي يسعد ربراب، الذي اختار الاستثمار في فرنسا بعد التضييق عليه في بلاده. كتبت صحيفة "ليبيرتي"، تحت عنوان "فضيحة بالجمارك"، أنه كما كان الشأن في قضية التجهيزات الموجهة لمعمل انتاج الزيوت المرتقب إقامته ببجاية، هناك "أياد خفية" تتصرف خارج مؤسسات الدولة، وقامت بمنع تنفيذ قرار للقضاء الجزائري. وأضافت الصحيفة أن "اليد الخفية التي تعرقل مشاريع مجموعة سيفيتال تتدخل من جديد. فقد وسعت عملها إلى مشاريع أخرى للمجموعة وسمحت لمؤسسة تابعة للدولة، ممثلة في المديرية العامة للجمارك، برفض تنفيذ قرار للقضاء الجزائري". وأوضحت أن (إفكون اندوستري) فرع مجموعة سيفيتال، المتخصصة في انتاج المياه فائقة النقاء، لم تتمكن من إطلاق مشاريعها في الجزائر، بسبب عرقلة دخول آلاتها من قبل سلطات الجمارك بميناء الجزائر العاصمة، مضيفة أن آلة ضاغطة محجوزة بالميناء الجاف لبودواو منذ يوليوز الماضي. من جهتها، كتبت صحيفة (الوطن) أن مصالح الجمارك ترفض بشكل قطعي تنفيذ قرار للعدالة، مبرزة أن حكما تنفيذيا صدر عن محكمة بودواو (بومرداس) يأمرها بالإفراج عن الآلة الموجهة للمصنع الجديد لمجموعة سيفيتال لإنتاج المياه فائقة النقاء. وذكرت بأن الحكم يجبر الجهة المدعى عليها وإدارة الجمارك ممثلة بقابض الجمارك، بإنهاء مساطر جمركة البضاعة المستوردة من طرف شركة (إفكون اندوستري)، ممثلة بمديرها العام، والمتمثلة في آلة ضاغطة توجد بالميناء الأطلسي الجاف الكائن بحي بن عجال ببلدية بودواو، وتسليمها للجهة المدعية فورا ودون شروط أو قيود، مع إعفائها من كافة المصاريف المرتبطة بمدة تواجدها بمخازن الجهة المدعى عليها التي تتحمل أيضا مصاريف القضية لفائدة العدالة. من جانبها، نددت صحيفة (كل شيء عن الجزائر) برفض الجمارك تنفيذ حكم صادر عن محكمة بومرداس، يأمرها برفع العرقلة عن الآلات الموجهة لمصنع (إفكون اندوستري) الواقع بولاية بومرداس. بدورها، وصفت صحف أخرى احتجاز الجمارك لآلة لمجموعة سيفيتال بالأمر الذي "لا يصدق"، مشيرة إلى أن المحكمة توصلت إلى أن الخبير الأول لم يكن "قد تصفح البطاقة التقنية للآلة من أجل تحديد مواصفاتها التقنية للتأكد من قيمتها الحقيقية"، مقررة استبعاد خبرته باعتبارها سطحية وغير دقيقة. وذكرت بأن الخبرتين الأخريين، اللتين تم إجراؤهما بعد الخبرة الأولى تبرهنا على أن الأمر يتعلق ب"آلة فريدة من نوعها، وهي الأولى في السوق العالمية، ذات تكنولوجيا عالية في صناعة صفائح لمعالجة مياه نقية، وذات جودة عالية"، مؤكدة أنه من المستحيل مقارنة سعرها بآلة أخرى، إذ ليس لها مثيل في السوق العالمية وتمت صناعتها خصيصا ببراءة اختراع.