احيل ملف القاضي عادل فتحي، نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتازة، على المداولة في انتظار البت فيه من طرف الجهات المسؤولة، بعد اجتماع الهيئة التي ترأسها وزير العدل بالمجلس الأعلى للقضاء، والتي دامت حوالي ثلاث ساعات. و ترأس مصطفى الرميد بصفته نائبا لرئيس المجلس الأعلى للقضاء، أول أمس الاثنين، جلسة محاكمة القاضي فتحي، بسبب مقالات صحفية وشكايات وجهها رئيس الحكومة حول العديد من القضايا و الملفات، وتحولت جلسة المحاكمة إلى مواجهة بين الرميد و القضاة الذين حضروا للترافع و الدفاع عن زميلهم فتحي.
وكان القاضي عادل فتحي أحيل على المجلس الأعلى للقضاء بعد تحريك المتابعة في حقه من طرف وزارة العدل، على خلفية سلسلة من المقالات صدرت بإسمه في العديد من المنابر الإعلامية وجه من خلالها انتقادات للعدالة وعبر فيها عن رأيه في موضوع إصلاح القضاء، و دخل ملف هذه القضية إلى المداولة، في انتظار عرض نتائج المحاكمة على الملك بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للقضاء.
وقال عادل فتحي في تصريح لجريدة الاخبار، بعد انتهاء جلسة المحاكمة، إن الرميد وجه له أسئلة ركز فيها بالخصوص على الشكاية التي وجهها ضد الوزير الأول السابق عباس الفاسي ووزير الإقتصاد و المالية السابق صلاح الدين مزوار، وذلك نيابة عن أبنائه القاصرين، وطالب فتحي في هذه الشكاية بفتح تحقيق حول تبادل التهم بين الفاسي و مزوار بخصوص وثائق تهم ملفات الفساد التي ادعى كل واحد منهما أنه يتوفر عليها.
و انصبت مرافعة فتحي أمام الرميد حول تقديم بعض الملاحظات التي خلصت إلى استدعاء كل من ساهم في تفجير هذه القضية لمواجهته أمام القضاء، كما طالب بتحديد و تدقيق بعض المفاهيم التي تضمنها ملف المتابعة، ومنها قرينتي الحياد والوقار التي يجب أن تتوفر في قضاة النيابة العامة و ركز فتحي على واقع القضاء المتسم بالنمطية وهو ما يواجه مسار الإصلاح.
وقد اعترف فتحي في مرافعته، أنه فعلا لم يحترم مبدأ "الحياد" لأنه "كان لي تعاطف إلا أن هذا التعاطف للأسف الشديد كان مع القانون و تطبيقه على الواقع" يقول فتحي، معتبرا أن متابعته يكتنفها "الإبهام و الإلهام و الإيهام".
ياسين مخلي، رئيس نادي قضاة المغرب، من جهته فقد تطرق في مرافعته إلى مفهومي الوقار و الحياد، بالإضافة إلى استحضار القوانين المقارنة بخصوص هذين المبدأين، مركزا على عدم تجريح قضاة النيابة العامة و ضرورة التمييز بين عادل فتحي كولي شرعي لأبنائه من حقه تقديم شكايات نيابة عنهم و عادل فتحي بصفته كقاض للنيابة العامة.
وقالت القاضية رشيدة أحفوض أن القاضي فتحي قام فقط بواجبه لأن القانون يخول وضع شكاية نيابة عن أبنائه و القيام بوضع شكاية شخصية، و أكدت أن ما قام به فتحي لا يتعارض ووظيفته كقاضي للنيابة العامة.
واعتبر فتحي أن وضع شكاية نيابة عن أبنائه بالإضافة إلى تحرير مقالات جاء في إطار إيمانه بشعار "القضاء في خدمة الوطن"مطالبا من الرميد التمييز بين القيم المرتبطة بالعقدية و القيم المرتبطة بالتشريع و على رأسها مبدأ النزاهة الذي يستمده القاضي من اليمين التي يِؤديها لدى ولوجه سلك القضاء.
ومن بين المقالات التي شملها التحقيق، مقالات نشرها في أجزاء تحت عنوان "القضاء و علبته السوداء" و سبق للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف أن استفسره في مرحلة التحقيق، حول مضمون الرسالة الموجهة من طرف هدا القاضي إلى وزير العدل و الرئيس الأول لمحكمة النقض الأولى بخصوص تهريب الأموال إلى الخارج وارتباطه بمكافحة غسيل الأموال، و الرسالة المفتوحة التي وجهها حول تصريحات رئيس الحكومة في برنامج "بلا حدود" على قناة الجزيرة والمتعلقة بسياسة"عفا الله عما سلف"..