تقدمت الأستاذة رشيدة أحفوض، رئيسة غرفة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء ورئيسة الجمعية المغربية للقضاة، بمذكرة دفاعية حول قضية الأستاذ عادل فتحي نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بتازة أثناء إحالة هذا الأخير على المجلس الأعلى للقضاء، بعلة الخروج عن مبدأي الحياد والوقار بسبب تقديمه لشكايتين إلى وكيل الملك فيلا الرباط نيابة عن ولديه القاصرين ضد كل من الوزير الأول السابق عباس الفاسي ووزير المالية السابق صلاح الدين مزوار، وإقدامه على نشر عدة مقالات بصحف وطنية وإلكترونية. الأستاذة رشيدة أحفوض كانت أول من تدخل أثناء الجلسة والتمست عدم قبول المتابعة موضحة أن القانون يقتضي أن يكون هناك طرفان عند المتابعة، طرف مشتكٍ وطرف مشتكى به، لكن في حالة قضية الأستاذ عادل فتحي لا وجود للطرف المشتكي ولا وجود لمتضرر، كما أنه لا يوجد أي نص قانوني يجرّم إقدام قاض على تقديم شكاية لوكيل الملك نيابة عن ولديه القاصرين، وبالتالي فإن المتابعة باطلة. وأضافت الأستاذة رشيدة أحفوض في مذكرتها الدفاعية: “إننا نرى أن القاضي السيد عادل فتحي لم يخرج عن مبدأي الوقار والحياد الواجب على القاضي التمسك بها للأسباب التالية : فنحن نعلم أن العدل هو قوام دولة الحق والمؤسسات وسيادة القانون. لذا كان إصلاح منظومة العدالة، الذي تفضل جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأسبغ عليه رعايته السامية، إيمانا من جلالته بأن هذا الإصلاح يوجد في صدارة الأوراش الإصلاحية الكبرى بالمملكة، وقد أتى هذا في سياق إصلاحات هامة توجت بمقتضيات الدستور الجديد للمملكة والذي نص على قواعد سير العدالة، وعلى مجال إصلاح قطاع العدالة، وعلى التخليق سواء على مستوى قطاع العدالة أو على مستوى تفعيل دور القضاء في تخليق الحياة العامة، حيث تزايدت مطالب فعاليات المجتمع المدني بشأن اتخاذ مبادرات فعالة لتعزيز جهود تخليق قطاع العدالة بكل مكوناته وكذا تفعيل دور القضاء في تخليق الحياة العامة وعدم الإفلات من العقاب ومكافحة الفساد. وإن تطبيق القانون بالشكل الصارم أضحى من المطالب الأساسية ومن الأولويات لتفعيل الدستور الجديد وتنزيله على أرض الواقع لتحقيق الأهداف المتوخاة منه والتي تتجلى بالأساس في إسقاط الفساد ومكافحة جميع الظواهر التي تسيء إلى ثقافة حقوق الإنسان وقيم الديمقراطية والعدالة والمساواة إذ أن عدم تطبيق القانون بشكل صارم يؤدي إلى استفحال ظاهرة المحسوبية والزبونية واستفحال ظاهرة الإفلات من العقاب وظاهرة نهب المال العام دون حسيب ورقيب”. وأضافت الأستاذة رشيدة أحفوض في مذكرتها :” لقد انخرط القاضي الأستاذ عادل فتحي في إطار روح المسؤولية الوطنية والانخراط في هذا الورش الكبير، إذ تتزايد المطالب بشأن عدم الإفلات من العقاب ومكافحة الفساد، وكل تدخلاته وكتاباته تنسجم مع روح مضامين الخطابات الملكية السامية بخصوص الإصلاح الشامل للعدالة والتي توجت بتعديل دستوري هام جعل القضاء سلطة مستقلة عن باقي السلطتين التشريعية والتنفيذية علاوة على اعتبار الديمقراطية من ضمن ثوابت المملكة والتي خولت للقضاء حق التعبير في حدود معينة خصوصا فيما يهم تنمية وتطوير القانون والعدالة والخوض في مواضيع حقوق الإنسان خاصة وان المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط أضحيا من ضمن أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية”. كما أكدت رئيسة الجمعية المغربية للقضاة على أن الفصل 111 من الدستور ينص على أن للقضاة الحق في حرية التعبير بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية… يمكن للقضاة الانتماء إلى جمعيات أو إنشاء جمعيات مهنية مع احترام واجبات التجرد واستقلال القضاء. وطبقا للشروط المنصوص عليها في القانون…”. وبالتالي تضيف رشيدة أحفوض، فإن الأستاذ عادل فتحي لم يعمل سوى على تفعيل مقتضيات الفصل 111 من الدستور الذي خول له كقاض حرية التعبير، وقد تلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية وانخرط في ورش إصلاح منظومة العدالة.. وقد أكدت الأستاذة رشيدة أحفوظ في تصريح للجريدة بأن الحكم على الأستاذ عادل فتحي بالإدانة سيكون فيه مس خطير بالورش الكبير الذي انخرط فيه المغرب لإصلاح العدالة وفيه تناقض صارخ مع كل الخطابات التي ما فتئ يرددها وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، حول ضرورة التعبئة والانخراط الجدي في عمليات محاربة كل أشكال الفساد.