يعد الكتاب من أمهات كتب الأدب العربي، كما ألمح ابن خلدون في مقدمة تاريخه عند كلامه على علم الأدب، بدأه صاحبه بمقدمة: ضَمَّنَهَا حديثًا عن الفصاحة والطلاقة، والعي والحصر، ثم شَرَعَ في تفصيل البيان، وذِكْر أشهر الخطباء، وأهم الخُطَب، والرسائل الأدبية التاريخية. كما عَرَضَ المؤلف لظاهرة الشعوبية السائدة آنذاك من خلال الحديث عن العصا، التي من عادة العرب اتخاذها في مواضع متباينة. والجزء الأخير جعله أخلاطًا: من الشعر، والنوادر، والأحاديث، وتعازي الملوك. وألف الجاحظ كتابه في أواخر أيامه وغايته في الدفاع عن البيان العربي في مختلف مظاهره، وتحدث فيه عن الألفاظ وفصاحتها، والأفكار والأساليب، وتناسب اللفظ والمعنى. كما ملأه بالأخبار والنوادر والطرائف، والشعر وشواهد القرآن الكريم والحديث الشريف والخطب والأمثال وغيرها للدفاع عن ما يذهب إليه، مما جعل من الكتاب موسوعة أدبية تمثل ثقافة الجاحظ التي أحاطت بمعارف عصره. أما موضوعات الكتاب الكبرى فتدور حول البيان والبلاغة، والخطابة، والشعر، والأسجاع، ونماذج من الوصايا والرسائل، وطائفة من كلام النساك والقصاص وأخبارهم، وغير ذلك. ويتنقل الجاحظ بين هذه القضايا مرسلًا نفسه على سجيتها، غير متقيد بمنهج محكم يلتزمه، بل يعتمد على الاستطراد والانتقال من موضوع الى آخر، ثم العودة الى ما أسلف من قبل، مشيعًا جوًّا من الفكاهة المحببة.
الجاحظ عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشهير بالجاحظ كبير أئمة الأدب، ورئيس الفرقة الجاحظية من المعتزلة، ولد في البصرة سنة (163ه) فلج في آخر عمره. وكان مشوه الخلقة. ومات والكتاب على صدره. قتلته مجلدات من الكتب وقعت عليه وذلك في سنة (255ه).