يبدو ان مناخ التفاهم الذي كان سائدا في علاقة الباطرونا بحكومة بنكيران قد بدأ في التوثر وخاصة بعد الاعلان عن مشروع قانون المالية لسنة 2013 وهو ما ينذر بمستقبل مشحون في هذه العلاقات. فقد أطلق جمال بلحرش، رئيس لجنة الشغل في الاتحاد العام لمقاولات المغرب، النار على الحكومة الحالية، متهما رئيسها عبد الإله بنكيران بتعريض الاقتصاد الوطني للخطر نتيجة سوء تدبير الأزمة في الظرفية التي تجتازها البلاد.
وقال القيادي في اتحاد الباطرونا "إننا خائفون على مستقبل المغرب، وهذا الخوف هو الذي يحركنا، وليست الصراعات والمصالح الضيقة، وعلى الحكومة أن تتقبل انتقاداتنا وتصورنا للإصلاح الاقتصادي طالما أنها تقبلت اللعبة الديمقراطية وانخرطت فيها للوصول إلى الحكم". وذلك في حوار مع جريدة "المساء" اليوم الجمعة.
ودافع بلحرش عن التقارب بين الباطرونا والنقابات، مؤكدا أن الحكومة حينما كانت تشارك في الاجتماعات تحولت جلسات الحوار الاجتماعي إلى "سوق اجتماعي".
وأضاف بلحرش أن "هذا التوجه انطلق منذ سنوات، قبل أن تنتخب مريم بنصالح على رأس الاتحاد، وذلك في ظل عدم جدوى اللقاءات الثلاثية التي تجمع الحكومة والنقابات والمقاولات، وحيث إن اجتماع حوالي 100 شخص في قاعة واحدة خلال تلك اللقاءات حول الحوار الاجتماعي إلى "سوق"، وبالتالي لم نخرج منها بأي نتيجة". واعتبر المسؤول في الاتحاد أن من يستغرب اللقاءات التي أجرتها مريم بنصالح رئيسة الاتحاد مع النقابات الثلاث الأكثر تمثيلية في المغرب، في إشارة إلى ديوان رئيس الحكومة عبد الإلة بنكيران، يمارس نوعا من السياسة، موضحا أن الاتحاد لا يمكنه الدخول في هذه اللعبة لأنه يمارس الاقتصاد وليس السياسة.
وردا على تصريحات مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، التي اتهم فيها جمال بلحرش بجهله مضامين مشروع قانون المالية والتحريض ضده، قال بلحرش: "نحن ندبر مقاولاتنا بشكل يومي ونطلع على كل المتغيرات الاقتصادية باستمرار، سواء على المستوى المحلي أو حتى على المستوى العالمي، وبالتالي لا يمكن للوزير أن يتهمنا بجهل مضامين قانون المالية. وهذا طبيعي، فالمثير في الحكومة الحالية هو أنها لا تتقبل النقد ولا تقبل المبادئ الديمقراطية، وأنا أقول للخلفي إن المغرب تغير كثيرا، والجميع أصبح قادرا على الخروج إلى الإعلام وطرح أفكاره بوضوح وفي حالة عدم التفاهم حول فكرة معينة، من المفروض أن تتقبل الحكومة النقاش واختلاف وجهات النظر".
على مستوى آخر، كشف عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة أنه فكر في تقديم استقالته من الحكومة يوم حادث تيشكا، الذي أودى بحياة أزيد من أربعين مواطنا، بعدما أكد أن الدولة تتحمل المسؤولية عبر قوله "إن فاجعة تيشكا لم تكن بسبب خطا بشري محض بل بسبب مسؤولية الدولة عن الحافلة المتهالكة وحمولتها الزائدة". الحوار الذي أجرته ذات الجريدة مع بلحرش دق فيه هذا الاخير ناقوس الخطر بشان مضامين قانون المالية 2013، التي من المنتظر أن تلقي بتداعياتها على الوضع الاقتصادي الوطني، وهو ما ينذر بجو مشحون في العلاقات المستقبيلية بين الباطرونا والحكومة.