أياما قبل أن يصل إعصار ساندي إلى الولاياتالمتحدة كون الرئيس أوباما خلية أزمة للتحضير لمواجهة نتائجه المدمرة، وقد أبان الرئيس عن حس وطني عال جدا وهو يحذر الأمريكيين وينبههم ويوجههم ويطلعهم أولا بأول على آخر الترتيبات على المستوى الرسمي لمواجهة الإعصار، بل وصل به الحد إلى توقيف حملته الرئاسية على الرغم مما لذلك من انعكاسات كارثية على مستقبله الرئاسي، قبل أن يحذو ميت رومني حذوه ويوقف بدوره الحملة. كل هذا كلام جميل وكلام معقول على حد قول الأغنية الشهيرة، إلا أن ما أثار انتباهي هو تصريح أخير لأوباما، يعلن فيه تحويل مكاتبه الانتخابية بالولايات المتضررة إلى مراكز تجميع وتقديم المعونة للمحتاجين إليها. قرار يبدو في ظاهره تجسيد لحالة التأهب القصوى، وانخراط فعلي يجيش بالروح الوطنية، المفروض أن تتوفر لدى جميع الأمريكيين وعلى رأسهم الرئيس المنتهية ولايته، إلا أن وقفة متأنية عند هذا القرار يشتم منها رائحة استغلال الكارثة بطريقة انتهازية غاية في النفعية حد السلبية، إذ كيف سيقرأ المواطن الأمريكي مثل هذه الخطوة بعد مرور الإعصار وحصر الخسائر واستجماع الأنفاس؟ ألن يبدو أوباما أكثر إنسانية من خصمه رومني؟ وهو الذي حول مكاتبه الانتخابية إلى مقرات للمساعدة والإسعاف؟ أليس في هذا استغلال قد يكون بشعا لكارثة طبيعية مأساوية بكل المقاييس؟ أم أن كل الوسائل مسموح بها في معركة البيت الأبيض، حتى ولو كانت متاجرة بمعنى من المعاني بالقيم الإنسانية؟ أكيد أن المواطن الأمريكي بعد لملمة جراحه سيتنبه إلى هذا، إلا أن الآلة الانتخابية الأمريكية بجهنميتها ستعرف كيف تشغل باله من جديد، وتلفت انتباهه إلى إعصار آخر أشد فتكا، باستطاعته تدمير كل شيء يقف في طريقه إلى البيت الأبيض.