هناك آداب وأمورٌ يجب علينا اتِّباعُها عند الشروع في ذبح البهائم: 1- إخلاص النِّية لله - تعالى. 2- تطييبُ آلة الذَّبح مِن سكين أو غيرها. 3- أن لا ترى البهيمة آلة الذبح. 4- أن تَذْكُر اسم الله الأكبر: (بسم الله، والله أكبر)، دون أن تكملَ الرحمن الرحيم؛ لأنَّ المقام لا يناسب كلمتي الرحمن الرحيم. 5- أن تذبحَ وأنت تستقبل القبلة. 6- أن لا تذبحَ والبهائم الأخرى التي ستُذبح تنظر إليها. 7-عند ذبح البهيمة، لا تفصل الرأس عنِ الجسد إلى أن تُفَارِق الروح الجسدَ.
ونحن أمام الآداب السِّتة الأولى، ربما فهمنا الحكمة والهدف؛ لكنَّنا في الأَدَب السابع - وهو هنا موضع الشاهد - ربما لم ندركِ الحكمة الرَّبَّانيَّة التي أَجْراها الله على لسان معلِّم البشرية محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم.
والحقُّ معنا في ذلك؛ لأن الحكمة هذه لم تُكْتَشَف إِلاَّ أوائل القرن الماضي، بعد التَّقَدُّم العلمي الذي ظهر، وقدِ اكْتَشَفَهُ علماء غربيون، لا علاقة لهم بالدِّين بشكلٍ منَ الأشكال.
وقبل أن نخوضَ في الشرح المفصَّل، نلقي الضوء قليلاً على واجب كلِّ مؤمنٍ ومسلم أمام كتاب الله، وحديث رسوله - صلى الله عليه وسلم: إنَّ المنطق الذي يجب علينا كمسلمين: هو منطق العبوديَّة الحق لله - عز وجل - وهذا المنطق يَقْتَضِي الإيمان والتسليم، ثم الانصياع لِمَا أمر الله ورسوله، دون أيِّ نِقاشٍ، أو جدال، أو حتى سؤال عن الحكمة وراء ذلك، وأقول: لو أنَّكَ - أيها الإنسان - كنتَ مَرِيضًا، وحين ذهبتَ للطبيب، فرضَ عليكَ أن تمتنع عن بعض ما تحبُّ أكله، فهل لكَ أن تناقشَه، وتُجادِلَه، أو حتى تسأله عنِ الحكمة من ذلك، أو أنكَ تأخذ أوامره موضع التنفيذ، وهو بَشَرٌ مثلكَ يُخْطِئ ويصيب؟
وكم شَدَّتْنِي قصة، وحوار جرى بين رجلٍ مسلم، وآخر غربي، دَخَلَ الإسلام حديثًا، حين ذهبَ الرجل المسلم يستفيض في شرحه لذلك الغربي عن أضرار لحم الخنزير، وبعد شرح طويلٍ قال له ذلك الغربي: كان يكفي أن تقولَ لي: إنَّ الله قد حَرَّمَه؟
أمَّا السبق العلمي لِسَيِّد الخلق في وجوب عدم قطع رأس الذبيحة؛ إلاَّ بعد أن تفيضَ روحها تمامًا، فهو: منَ المعلوم أن الإنسان الخائفَ نتيجة أمرٍ ما، تَتَغَيَّر ملامِحُه، وتظهر على وجهه آثارُ ذلك من اصفرار وشحوب، وما إلى ذلك، ومما هو معلوم أنَّ هذه التَّغَيُّرات الخارجيَّة نابِعة من تغيرات داخليَّة، حيث يلتمس الدماغ منَ الغدة النخامية مواجهة الخطر، التي بِدَوْرها تعطي الأوامر للكظر؛ لِمُوَاجَهة الأمر الطارئ، فيرسل رسائل عديدة إلى أجهزة مختلفة: (القلب - الرئتين - الأوعية - الكبد)، وأهم رسالة هي إلى القلب برفع ضخ الدم من 80 نبضة إلى 180؛ لذا يحدث اصفرار الوجه، أما ما علاقة ذلك كله بموضوعنا؟
أقولُ: الأمر ذاته يحصل عند ذبح الشاة أو البهيمة، يرتفع نبض الدم من 80 إلى 180، مما يسمح بخروج الدم كاملاً مِن جسم الذبيحة، وكنا قد علمنا دور الدماغ الأساس في ذلك كله، مما يفسر لنا ضرورة عدم قطع رأس البهيمة كاملاً؛ لِيَتَمَكَّن الدماغ الذي في الرأس من إرسال رسائله إلى الغدة النخامية، ومنها إلى الكظر، الذي بِدَوْره يأمر القلب بِرَفْع النبض، وبالتالي إخراج الدم من الجسم.
وهذا ما يفسر لنا بالمُلاحَظة لون اللحم المذبوح بهذه الطريقة، والذي يميل إلى اللون الزهري، عكس المذبوح بغير هذه الطريقة يكون أحمر قانيًا؛ لأن الدم لم يخرج منه.
كما أنَّ الشاة التي لا تُذبح بالطريقة الإسلامية فيها 8 كغ منَ الدم الذي لم يخرج.