حجّ آلاف المغاربة، اليوم الثلاثاء 19 يونيو الجاري، لحضور حفل "ما قبل موازين" الذي نُظم بمنصة السويسي بالرباط قُبيْل الإنطلاق الفعلي لحفلات المهرجان بثلاثة أيام. الحضور الجماهيري الكبير- أكثر من أربعين ألف شخص- الذي حضر اليوم إلى منصة السويسي يؤكد فشل دعوات المقاطعة التي دعت إليها بعض الأصوات النشاز على مواقع التواصل الاجتماعي، مستغلة تواصل العديد من المواطنين مع الحملة السابقة التي همت ثلاثة منتوجات استهلاكية.. ولم يأبه المواطنون بدعوات هؤلاء، وانتصروا للفرح والحياة ضدا على من يريد أن يعود بالبلاد إلى القرون الوسطى ويمنع الموسيقى التي جُبل عليها المغاربة ليفرض عليهم اليأس والموت والحياة الجنائزية.. حدث هذه الليلة، جمع أفضل الأسماء اللامعة في سماء الأغنية المغربية والفرنسية، حيث استدعت جمعية مغرب الثقافات بشراكة مع قنوات 2M وC8 وCSTAR، كلا من ميتر غيمس، وسليمان، وبوستي، ونايسترو،و أمير، وتال، ودادجو، وإيمانويل وموار، وكور دو بيرات، وفيتا، وهايفن هيفين، ولالجيرينو، وألونزو، وكوليكتيف ميتيسي، وسينابسون، وناسي، وأمينوكس، وإهاب أمير، وزهير بهاوي. كل هذه الأسماء اللامعة في سماء الفن تألقت على منصة السويسي بالرباط للرقي بذوق المتفرجين، الذين حضروا لمشاهدة نجوم يمثلون أوروبا وآخرون يمثلون إفريقيا. فحضر الفنانون الفرنسيون من الضفة الشمالية للمتوسط إلى جانب المغاربة من ضفته الجنوبية، في حفل جمعتهم فيه الروح الفنية والانتصار للإنسانية، هذا المبدأ الكبير الذي يتعالى على كل الانتماءات. مبدأ لا يؤمن بالهويات الضيقة، أو الهويات القاتلة بتعبير الكاتب اللبناني وعضو أكاديمية باريس أمين معلوف. ويجسد هذا الحفل كل معاني التسامح والشراكة والانفتاح والتعدد في بلد اسمه: المغرب الذي يتميز بخصوصيته الثقافية. ومن قلب خصوصيته غير القابلة للمساومة يحتضن العالمية والفكر الكوني. لأن الخصوصية ليست دعوة للانغلاق بل هي منطلق الانفتاح دون شرط على مكونات العالم. الانطلاق بقوة نحو الكون المنفتح على المحبة والتعاون والتآزر. تنظيم هذا الحفل الفني الكبير، ثلاثة أيام قبل انطلاق الفعاليات الرسمية لموازين واستقطابه لهذا الكم الجماهيري الغفير يعتبر نجاحا كبيرا على دعوات المقاطعة التي لن تنال من المغاربة ومن المغرب أحد ركائز هذا المهرجان إلأى جانب فرنسا. بلدان من قارتين. عمودين للثقافة والفن. لقاء بين حضارتين. التقاء بين الضفتين. هناك ما هو مشترك بين البلدين. اشتراك في التاريخ وفي الهم الإنساني. هو لقاء بين عالمين يلتقي فيه الإنساني بالتاريخي. دون أن ننسى رفقة السلاح بين الجنيرال دوغول والمغفور له محمد الخامس من أجل تحرير العالم من خطر النازية. وبتوافد هذه الجماهير الكبيرة المؤلفة من أجيال مختلفة يكون مهرجان موازين بالفعل تحقيق لحلم إنساني جميل، حيث أن الفن هو المنصة التي تنتفي فيها الفوارق بين الأمم والشعوب. لتبقى الموسيقى وحدها لغة العالم التي لا تحتاج إلى ترجمان. بل هي ترجمان البواعث الراقية لدى الإنسان. بالموسيقى نحارب التطرف وغول الإرهاب اللذان يتهددان العالم. بالفن نرقى بالذوق.