تواصل الابواق الإعلامية الجزائرية، التهليل لخبر تقديم جمهورية الصين لمساعدة مالية، أمس الاربعاء 9 ماي الجاري بالجزائر، لما يسمى ب"الهلال الأحمر الصحراوي"، وذلك "لدعم اللاجئين الصحراويين في المخيمات بتندوف (جنوبالجزائر)، لا سيما منهم النساء والاطفال والمسنين"، حسب تعبير السفير الصينيبالجزائر"يانغ غوانغ يو". ولم تكتف الصين بتقديم هذه المساعدة المالية، التي تقدر قيمتها ب 10 ملايين دينار جزائري، بل إن السفير الصيني لم يستبعد القيام بزيارة محتملة لمخيمات تندوف مستقبلا، للوقوف عن كثب عن ما اسماه ب"الأوضاع الصعبة التي يعيشها اللاجئون وتحديد احتياجاتهم لرفعها الى سلطات بلده فيما بعد". إقدام الصين على هذه الخطوة، تطرح عدة تساؤلات، خاصة انها امتنعت، إلى جانب روسياواثيوبيا، عن التصويت على التقرير الأممي حول الصحراء المغربية أمام مجلس الامن في شهر ابريل المصرم.. وتساءل بعض المختصين في الشؤون السياسية حول علاقة هذا القرار بتعثر مشروع "طنجة تيك"، الذي عولت عليه المملكة المغربية وجمهورية الصين والذي ينتظر ان يستقطب ما يقرب عن 180 مقاولة صينية، تشغل بالقطاع الصناعي وقطاع السكن والصحة والتعليم، وأكثر من 200 ألف شخص خلال السنوات العشر المقبلة... هذه الفرضية، تُعزى إلى تصريحات رسمية صينية أخرى، حيث صرح السفير الصيني لدى الجزائر، يانغ غيانغ يو، أن الجزائر هي"أول بلد عربي يقيم علاقات ثنائية وشراكة إستراتيجية مع الصين من هذا المستوى". وأضاف السفير الصيني، في مداخلة له خلال فعاليات اليوم الدراسي حول "الذكرى ال60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية الجزائريةالصينية (1958-2018 ) الذي نظم يوم الاثنين المنصرم بجامعة العلوم السياسية و العلاقات الدولية بالجزائر، أن هذه الذكرى تعد "نقطة انطلاق جديدة" وأن الصين "مصممة على النهوض بشراكتها مع الجزائر لصالح للبلدين والشعبين"، مشيرا إلى انه "سيتم توقيع اتفاقية في الأسابيع المقبلة بين الجزائروالصين بالإضافة إلى الاتفاقيات القائمة بين البلدين"، وذلك في أفق التحاق الجزائر بالمبادرة المعروفة ب"طريق الحرير الجديدة" التي أطلقها الرئيس الصيني تشي جين بينغ عام 2013 في أستانا بكازاخستان.. إشارة السفير الصينيبالجزائر إلى "طريق الحرير الجديدة" رأى فيها المحللون رسالة إلى المغرب وما يعلقه الصينيون على مدينة "طنجة-تيك" من مساهمة في انبعاث طريق الحرير التي يبدي الشركاء الصينيون اهتماما كبيرا بها.. هذا التغيير المفاجئ الذي عبرت عنه الصين ، من خلال تصريحات سفيرها بالجزائر، في علاقاتها مع المغرب تسائل المسؤولين ببلادنا، وما مدى الإجابات والردود التي تعتزم الديبلوماسية اتي تعتزم الديبلوماسية المغربية اتخاذها في هذا الشأن، خاصة أن الامر يتجاوز العلاقات الاقتصادية ليمس بوحدتنا الترابية.. يشار أن التقرير الأممي الأخير حول الصحراء، اثار قضية المحتجزين بمخيمات تندوف وظروفهم الصعبة خاصة الاطفال والنساء والعجزة منهم، وطالب المنتظم الدولي برصد مساعدات وإعانات قصد مساعدة منظمة الانسانية العاملة هناك..إلا أن هذا الوضع المزري الذي تعيشه الساكنة بمخيمات العار فوق الاراضي الجزائرية يتحمل مسؤوليته بالأساس النظام الجزائري، الذي يرفض السماح بإحصاء هؤلاء، لأن ذلك ليس في صالحه.. وفي هذا الصدد، سبق للممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة، عمر هلال أن عرى نوايا النظام الجزائري وتورطه في تابيد هذا النزاع المفتعل ومسؤوليته في الوضع المزري الذي يعيشه المحتجزون حيث قدم، يوم 27 أبريل 2018 بمقر الأممالمتحدة، أرقاما صادمة عن حجم ما تنفقه الجزائر من أموال لتسليح مرتزقة "البوليساريو". وكشف هلال ، خلال مؤتمر صحفي عقب اعتماد مجلس الأمن للقرار القرار 2441 القاضي بتمديد مهمة المينورسو لمدة ستة أشهر، أن عمق الإشكال يتجسد في توجيه الجزائر كامل اهتمامها لإبقاء الوضع متوترا بدل الالتفات إلى تحسين وضع المحتزين بمخيمات تندوف. وبهذا الخصوص، قال عمر هلال إن الأفظع هو تسول الجزائر بأولئك "المقهورين" ومن ثمة نهب أموال المساعدات الدولية، وهو ما يكشف انعدام وجود أي أثر لها على أرض الواضع. إن السرعة التي انخرطت فيها الصين الشعبية لتخصيص مبلغ 10 ملايين دينار جزائري، لمحتجزي تندوف وتبرير ذلك بما يعانيه هؤلاء من أوضاع خاصة النساء والأطفال منهم، يكشف بما لا يدع مجالا للشك ان الصين إما أنها انساقت وراء الاطروحة الجزائرية تحت مغريات تمكين مستثمريها من دخول السوق الجزائرية، وذلك تحت ذريعة "المساعدة الإنسانية"، أو أن الأمر يتعلق بتصفية حسابات بينها وبين المغرب خاصة بعد تعتر مشروع مدينة "طنجة-تيك" التي يعول عليها الصينيون كثيرا.. وفي الحالة الأولى، فإن ذلك يسائل الديبلوماسية المغربية التي لم تستطع إقناع الصين بعد ومعها اثيوبياوروسيا بعدالة قضية وحدتنا الترابية وهو ما يستوجب بدل مجهودات أخرى في هذا المجال.. أما في الحالة الثانية،فإن المسؤولية تقع على عاتق المشرفين على مشروع "طنجة-تيك" وما يرتبط باتفاقية "طريق الحرير الجديدة" التي وقعها المغرب وانخرط فيها بتعليمات سامية من جلالة الملك..