صادق حكماء الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، نهاية الاسبوع المنفرط، على دفاتر التحملات في صيغتها الأخيرة ليضعوا بذلك نهاية لمسلسل المصادقة على دفاتر تحملات قنوات القطب العمومي الذي استمر لأكثر من 8 أشهر من الأخذ والرد والجدل السياسي والإعلامي. فبعد 10 مراسلات بين رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ورئيسة الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري أمينة المريني، وأكثر من 11 اجتماعا لأعضاء المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، راسلت "الهاكا" بشكل رسمي أول أمس رئاسة الحكومة لتخبرها بأنها صادقت على دفاتر تحملات كما أعدتها اللجنة الوزارية التي ترأسها نبيل بنعبد الله، وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة والأمين العام لحزب التقدم والإشتراكية، بدون زيادة ولا نقصان.
قرار "الهاكا" اعتبرته الحكومة انتصارا لها مما حذا بها إلى الاحتفاء به بشكل غير عاد خلال انعقاد مجلسها الأسبوعي صباح أمس الإثنين، تقول جريدة "أخبار اليوم" التي اوردت الخبر، في دلالة واضحة أن حكومة بنكيران خسرت معركة دفاتر وزير الإتصال مصطفي الخلفي، لكنها ربحت في النهاية حرب دفاتر التحملات دون تعديلها مرة أخرى.
قرار الهيئة التي تسهر على تقنين الإعلام السمعي البصري، لم يقدم أي مقترح أو ملاحظة في ما يتعلق بالدفاتر في صيغتها الثانية، قبل أن يكتفي بشكر رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران على "التفاعل الإيجابي" بين المؤسستين.
وكشفت بعض المصادر لذات الجريدة، أن أعضاء المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري التسعة، وجدوا أنفسهم خلال اجتماعاتهم المطولة في ورطة قانونية وسياسية ومحاصرين من كل الاتجاهات، مما جعل هامش تحركهم ضيقا.
و يعود السبب الأول إلى التحكيم الملكي الذي جنب دفاتر الخلفي مصير خطة سعيد السعيدي لإدماج المرأة في التنمية التي خلفت انقساما مجتمعيا، حسب تعبير نبيل بنعبد الله.
السبب الثاني الذي دفع "الهاكا" إلى المصادقة على دفاتر بنعبد الله بدون تعديل يعود إلى رسالة شتنبر الشهيرة التي بعث بها بنكيران إلى رئيسة "الهاكا"، والتي خيرت "الحكماء" بين المصادقة من عدمها، وأن لا يتطاولوا على اختصاص الحكومة الذي ينص عليه الفصل 47 من القانون المنظم للهاكا والذي جعل إعداد وتعديل ونشر الدفاتر من اختصاص الحكومة.
و كشفت ذات المصادر، تقول "أخبار اليوم"، أن الأعضاء التسعة للمجلس احتاجوا إلى اجتماعين متتاليين في محاولة منهم لهضم رسالة بنكيران الشديدة اللهجة بمجرد إبداء الهيئة لملاحظات أغضبت رئيس الحكومة.
في هذا السياق، قالت المصادر ذاتها إن مطالبة "الهاكا" بالإبقاء على إشهار القمار وإعادة النظر في المقتضيات الواردة في باب حكامة المشهد السمعي البصري، عجلت من رد بنكران القوي الذي طالب بالتزام حدودها الدستورية والقانونية، وعدم القفز على اختصاص الحكومة، وأن دور الهيئة يقتصر على المصادقة من عدمها.
السبب الثالث الذي أرخى بظلاله على قرار المصادقة، كان مرتبطا بالأعضاء أنفسهم والذي جعلهم في وضع حرج، ذلك أن ثلاثة من أربعة أعضاء في المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري الذين عينهم الوزير الأول السابق ورئيس البرلمان، ينتمون للمعارضة، باستثناء ممثل حزب الاستقلال بوشعيب أوعبي، ولذلك فإن القرار جاء لتجنب قراءة اختصاص التقنيين الموكل للهيئة على أنه معارضة سياسية لمؤسسة دستورية.
يشار أن الحكومة عقدت أمس الاثنين اجتماعا طارئا لبحث خطوات تنزيل دفاتر التحملات الخاصة بالقطب العمومي وتاريخها، وذلك بعد مصادقة الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري على الدفاتر كما جاءت في الصيغة الثانية.
ووفق مصادر خاصة، فإن وزارة الاتصال شرعت في اتصالاتها من أجل بحث أفضل لتطبيق بنود دفاتر التحملات، بعيدا عن ثنائية الغالب والمهزوم، حيث انتهت هذه الاتصالات إلى الاتفاق على ضرورة إحالة المسألة برمتها على المجلس الحكومي للنظر في الصيغة الأفضل لإخراج الدفاتر، وحسم مسألة تنفيذ ما جاءت به خريطة إصلاح الإعلام العمومي.
