عندما انتهت سنة 2006 ولم يحدث التغيير الذي وعد به عبد السلام ياسين، زعيم جماعة العدل والإحسان، أتباعه قال لهم "إنكم قوم تستعجلون"، وكان ياسين روج على نطاق واسع أن القومة الإسلامية تاريخها هو السنة المذكورة بناء على ما أسماه رؤى متواترة للشيخ ولأتباعه، والرؤى عند ياسين مختلطة بأحلام اليقظة، لكن الذي ظل مخفيا عن الأتباع والرعاع هو أن ياسين يحيط مجموعة من "الشلاهبية" الذين قرأوا تقريرا أمريكيا ينذر باضطرابات اجتماعية في تلك السنة لكن الضربات الاستباقية والمعالجات المختلفة في ميادين متعددة فوتت على ياسين الفرصة. كادت أحلام القومة أن تعصف بتاريخ عبد السلام ياسين ولولا خفة لسان بعض القياديين لأصبح مثل مسيلمة الكذاب أو مثل أي دجال يكذب الحديث ويختلقه من أجل تحقيق أحلام اليقظة التي يحولها إلى رؤى ومنامات هي في عرف الصوفية وأولياء الله لها خصائص ومميزات غير متوفرة في جماعة لم تتمكن من حماية فروج عضواتها القياديات والمتزوجات. اليوم يطل علينا ياسين من خلال افتتاحية بئيسة بالموقع الإلكتروني للجماعة يتحدث عن رمضان والجهاد، واصفا الحراك السياسي والاجتماعي، الذي ليس باعثه دينيا كما يزعم ولم يكن لحركات الإسلام السياسي دور فيه بأن "الشعوب قامت قومتها المباركة"، فقد تحول هذا الحراك الذي كان ذا بعد اجتماعي محض إلى ثورة يستلذ بها ياسين معوضا أتباعه عن نبوءات 2006 التي لم تتحقق والتي كانت ضربة قاضية أذهبت ريح الجماعة سدى. لكن ما هو ثانوي داخل الافتتاحية وفي ثناياها هو أن ياسين حاول تبني كل ثمار هذا الحراك، ولابأس أن تمس ثياب الطهرانيين من جماعة العدل والإحسان أهل الفجور من أحزاب وتيارات ووكالي رمضان ودعاة الحريات الشخصية والشذوذ الجنسي باعتبارهم حطب الثورة أو القومة الإسلامية عفوا عن هذا التعبير المسيء لياسين والذي يكاد ينقض وضوءه. لكن هناك إشارة أخرى متضمنة في الافتتاحية فحين أورد ياسين وكتبته حديث أبي هريرة القائل بنصرة الدين على يد الرجل الفاجر، فهو يريد ضرب عصفورين بحجر واحد، أولا يريد أن يطمئن أتباعه إلى جواز الاستعانة بالفاجرين من اليساريين والملحدين، كما يسمهيهم، وأنه لا حرج في استغلالهم في القومة الإسلامية، والثاني يفيد أن ياسين تأثر كثيرا وأن رمضان لم يهل عليه كالسابق إذ قبله بقليل تم تفجير فضيحة كريمته ندية ياسين التي تم ضبطها مع خليلها في ليالي العشق بأثينا إضافة إلى مجموعة من الأشرطة لعضوات الجماعة وهن يمارسن الفاحشة. والخطير في افتتاحية ياسين هو استعمال مفاهيم إسلامية دقيقة مثل مفهوم الجهاد في غير محلها مما يجعلها دعوة للفوضى لا تختلف عن شيء عن دعوات تنظيم القاعدة والسلفيات المقاتلة. اليوم لم يجد ياسين ما يبرر به إخفاق القومة الإسلامية وفق الرؤى والمنامات سوى تبني الحراك الذي لم يكن فيه لا في العير ولا في النفير ليسميه القومة المباركة وهي قومة قد تعصف بكل تاريخه وتبدد أحلامه قبل وفاته التي لن تكون سهلة على جماعة ارتبطت بشخص المرشد.