لم يعهد المتتبعون أن يكتب أحمد الريسوني، نائب رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، حول قضايا ذات طابع قانوني واجتماعي، بحكم تخصصه في تبرير النكاح غير المشروع ودعم الحركات الإرهابية والتكفيرية، إلى أن فاجأنا اليوم بمقال تحت عنوان "الاعتقال الاحتياطي..ضحايا النيابة العامة"، تحدث فيه عن الفترة التي قضاها موظفا بالنيابة العامة، وحكى قصة متهم بالاغتصاب، ليس دفاعا عنه ولكن دفاعا عن تاريخه المعروف بالجبن حيث لم يفتح فمه إلا بعد أن حصل على الدعم من إحدى الدول الراعية للتطرف. بعد أن وصف الوكلاء العامين بأقذع النعوت، قال إنه تحدى رئيسه ورد له ملفا. في تلك اللحظة تعتبر هذه شجاعة نادرة، وكل من يعرف الريسوني قبل انتقاله إلى المشرق يقول إنه كان جبانا خوّافا، وبالتالي هذه القصة أراد أن يسوق من خلالها للقراء من الشباب الذين لا يعرفون ماضيه أنه كان شجاعا. وقال في مقاله "تذكرت هذه الواقعة، بعد ما نشرت وسائل الإعلام أن الرئيس المنتدب لدى المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمغرب، وجه تعليمات صارمة إلى المفتش العام للسلطة القضائية، تقضي ببحث شروط وملابسات مسطرة الأمر باعتقال المشتبه فيهم من طرف النيابة العامة في أولى مراحل التحقيق معهم، والتي تسببت في اعتقال 1365 مواطنا نالوا أحكاما بالبراءة لاحقا". هذا التصريح جاء في إطار البحث عن إصلاح منظومة العدالة، لأن المغرب لم يخش في يوم من الأيام أن يعترف بالأخطاء والقصور. هل يجرؤ الريسوني، الذي يدعي المعرفة بأحوال الاعتقال الاحتياطي، على القول بأن ظروف الاعتقال اليوم تعتبر جنة بالنسبة للمعتقلين في الزمن الذي كان فيه موظفا بسيطا؟ ألم تتغير ظروف الاعتقال لتنسجم مع المعايير الدولية؟ وأضاف في مقاله "والعجيب في الأمر هو أن المحرك الأول للمسؤولين القضائيين للنظر في هذه الكارثة ليس هو الظلم الذي يَحيق بآلاف الناس سنويا، بل هو الاكتظاظ الشديد الذي أصبحت تضجُّ به السجون والعاملون فيها، والكلفة الثقيلة التي تتحملها الدولة في ذلك". هذا الكلام إنكار لكل المجهودات التي يبذلها المغرب من أجل استقلالية السلطة القضائية ومن أجل تطوير المنظومة القضائية، لكن لم نكن نسمع به أيام كان مصطفى الرميد القيادي في حزب العدالة والتنمية وزيرا للعدل ورئيسا للنيابة العامة.