عبرت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الخميس، عن استغرابها إزاء تناقض الأرقام التي كشف عنها البنك المركزي الجزائري ووزارة المالية حول الوضع المالي والاقتصادي بالبلاد، مسجلة أن ذلك يعكس ارتباك وعدم انسجام السياسة التواصلية للحكومة. وكتبت صحيفة (ليبيرتي)، في هذا الصدد، أن غياب استراتيجية للتنمية ورؤية استشرافية أديا إلى الأزمة الحالية، حيث الوصفات الوحيدة المقترحة تتلخص في إلغاء نظام الرخص وتعليق استيراد العديد من المواد، دون أن تكون هذه الترسانة الأولية قادرة على التصدي للمشاكل الحقيقية، وخاصة آلة الريع وحماية القطاع غير المهيكل، اللذين أصبحا، بقوة الأشياء، المؤشرين الاقتصاديين الوحيدين. وعنونت الصحيفة افتتاحيتها ب"كلمات وأرقام"، مبرزة أن حلول محافظ بنك الجزائر أمس الأربعاء بالبرلمان كشف عن ذخيرة من المعلومات حول الحالة المالية للبلاد. وقالت إن الخطاب تضمن جردا لأرقام وإحصائيات غير مرضية، ربما، ولكنها تكشف عن حالة الاقتصاد الجزائري، على الرغم من أن وزير المالية أو رجل سياسة آخر يتدخل في اليوم الموالي، كما هو الشأن دائما، للتقليل من حدة تدهور المالية العمومية، مذكرة بأن المحافظ السابق قساسي كان قد دق ناقوس الخطر، مؤكدا أن الوضع يدعو للقلق. وأكد صاحب الافتتاحية أن وزير المالية والوزير الأول ستتم دعوتهما، بعد أيام قليلة، ليقولا إن الأمر يتعلق بسحابة صيف ستتبدد بسرعة، مضيفا أنه لحسن الحظ فإن هذا سلوك الذي يغطي الشمس بالغربال أصبح متجاوزا. من جهتها، كتبت صحيفة (الفجر) أن الشفافية والانسجام في الأرقام وسياسة على المدى المتوسط والبعيد ووضوح الرؤية حول الخيارات السياسية والاقتصادية المستقبلية أمور تغيب بشكل فادح في التسيير الحالي للبلاد. ولاحظت أن محافظ بنك الجزائر، أشار في تقديمه لتقرير البنك المركزي حول تطور الوضع المالي للبلاد إلى أن صندوق ضبط الإيرادات نفذ كليا خلال سنة 2017. وأوضحت أن هذه المعلومة المفاجئة، تأتي لتناقض الأرقام التي أعلن عنها وزير المالية والصادرة في يناير الماضي، والتي تفيد بأن صندوق ضبط الإيرادات يحتوي على مبلغ 1000 مليار دينار، تمثل الأموال المسترجعة من فارق برميل النفط المحدد في 37 دولارا والأسعار الفعلية لبرميل النفط الجزائري والتي بلغت خلال هذه الفترة 50 دولارا في المتوسط. من جانبها، كشفت صحيفة (الحياة) أن هذه المعطيات تتناقض مع الأرقام الواردة في مذكرة تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2018، معللة ذلك بأنه في جزء مخصص للمبالغ المالية المتوفرة بالصندوق، تشير الوثيقة إلى أن الصندوق فارغ برسم سنتي 2017 و2018، أي أنه نفذ وأن الحاجيات من التمويلات لتقليص عجز الخزينة تبلغ "ناقص 570 مليار دينار في متم 2017 وناقص 5ر1815 مليار دينار سنة 2018"، وهو ما يعني أن مالية الدولة توجد في حالة حرجة خلافا لمعطيات وزارة المالية. وتابعت الصحيفة أن هذه المعطيات، التي لم يتم قط تكذيبها إلى غاية اليوم من قبل الحكومة، تأتي لتناقض الأقوال التي أدلى بها الوزير الأول في شتنبر الماضي، خلال تقديم حصيلة عمل الحكومة أمام المجلس الشعبي الوطني، حيث قال إن " صندوق ضبط الإيرادات نفذ سنة 2017 (...) و لا نتوفر على الاعتمادات لصرف أجور الموظفين"، موضحة أن هذا التأكيد كان موجها لإقناع النواب باعتماد اللجوء إلى طباعة الأوراق النقدية لتقليص عجز الميزانية، وللدين الداخلي وتمويل الاستثمارات العمومية من خلال الصندوق الوطني للاستثمارات. بدورهما كتبت صحيفتا (لوكوتيديان دو وهران) و(الوطن) أنه على هذا الصعيد، سواء تعلق الأمر بأرقام صحيحة أو مغلوطة، فإن الوزير الأول، وفي معرض تطرقه لمخطط مواجهة الأزمة لسابقه عبد المالك سلال، ألمح إلى أن جزءا من الأرقام الواردة في التأطير الميزانياتي على المدى المتوسط لهذا البرنامج، المسمى النموذج الاقتصادي الجديد، لم تكن صحيحة. وقالتا إن ملاحظا متتبعا للوضع المالي للبلاد يمكن أيضا أن يؤاخذ على حكومة أويحيى عدم الافصاح عن الحقيقة كاملة حول الوضع المالي للبلاد، والدليل على ذلك هي هذه التناقضات بين أرقام بنك الجزائر وأرقام وزارة المالية حول وضعية صندوق ضبط الايرادات، وهو ما يوحي بأن إحدى هاتين المؤسستين العموميتين قدمت أرقاما خاطئة.