من جديد، تشهد مدينة جرادة توترات اجتماعية، بسبب وفاة شابين كانا يبحثان عن الفحم بأحد الآبار العشوائية، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة، من طرف فئات من السكان، التي اعتبرت أن الوضع يحتاج إلى إجراءات خاصة ومستعجلة، لتنفيذ الاتفاقات والوعود والمشاريع التي تم الإعلان عنها، لمعالجة المشاكل المترتبة عن إغلاق منجم الفحم، والذي كان المصدر الاقتصادي الرئيسي في المنطقة. ومن المعلوم أنها ليست المرة الأولى التي تحصل فيها مثل هذه الحوادث، في هذه الآبار، التي تسمى "السوندريات"، والتي يغامر فيها الناس، رغم خطورتها، من أجل استخراج كيلوغرامات من الفحم، لكسب قوتهم اليومي، كما أن الاحتجاجات في هذه المدينة، تطفو من حين لآخر، بسبب غلاء فواتير الكهرباء أو للمطالبة بالرعاية الصحية لضحايا مرض السيليكوز، الناتج عن العمل في مناجم الفحم، أو طلب العناية بأرامل المفقودين في حوادث الفحم الحجري، وغيرها من المطالب الاجتماعية، التي تفاقمت بعد إغلاق المنجم. وللتذكير فإن عمال مناجم جرادة، قبل إقفالها، شكلوا باستمرار قوة نقابية، خاصة في الإضراب البطولي، الذي دعت إليه وأطرته الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، سنة 1988، والذي دام حوالي شهرين، حيث كانت المدينة مطوقة بالقوات، ورغم ذلك صمد العمال وأسرهم وتضامن معهم السكان، إلى أن تحقق النصر، وكان ذلك بمثابة دفعة لا يستهان بها للنضال النقابي، بل وكذلك لحركة المطالب الديمقراطية التي تطورت في نهاية الثمانينات وعرفت أوجها في بداية التسعينات. وقد شكل إغلاق منجم الفحم ضربة قوية للمدينة، حيث لم تنجح البدائل الأخرى في تعويض الدخل الذي كان يُدِرّه، مما دفع بالعديد من السكان إلى الهجرة، و ظل العديد من الذين بقوا فيها، عرضة لضعف التنمية الإقتصادية، في منطقة لا تتوفر بها موارد طبيعية كثيرة، خاصة وأن الآثار المترتبة عن استغلال المنجم، سابقاً، والتلوث الناتج عن المحطة الحرارية، عٓقّدٓ الوضع أكثر. ويمكن القول إن ما يحدث في جرادة، لا يختلف عما يحدث في عدد من المناطق المهمشة، التي تحتاج إلى اهتمام جدي وبرامج خاصة، في إطار التوزيع المجالي العادل للثروة، خاصة وأنه لا يمكن إهمال مدينة وتركها تحت رحمة الفقر والمرض ومستقبل أسود، بِلٓوْنِ الفحم، فقط لأنها لم تعد نافعة، رغم ما قدمته سابقا للاقتصاد المغربي.