خلدت الهند والمغرب خلال هذه السنة ذكرى مرور 60 عاما على إقامة علاقات دبلوماسية بينهما على وقع دينامية متجددة بين بلدين يتطلعان بعزم وثبات إلى الرقي بالروابط المتينة والعريقة بينهما إلى مستوى شراكة متميزة . إذ شكلت سنة 2017 ، التي تشرف على نهايتها، مناسبة أمام الرباطونيودلهي للعمل سويا في إطار دينامية متواصلة ترتكز على الرفع من وتيرة التعاون الثنائي وتطويره ليشمل جميع القطاعات الحيوية ذات الاهتمام المشترك . وتحذو البلدين معا إرادة أكيدة لإرساء شراكة استراتيجية عب ر عنها قائدا البلدين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس والوزير الأول السيد ناريندرا مودي، وذلك على هامش الزيارة التاريخية التي قام بها جلالة الملك للهند من أجل المشاركة في أعمال القمة الثالثة لمنتدى "الهند – إفريقيا" التي احتضنتها نيودلهي في أكتوبر 2015 . وفي هذا الإطار، شكلت الدورة الرابعة للمشاورات السياسية بين المغرب والهند، التي انعقدت في أبريل الماضي بالعاصمة نيودلهي، آلية مهمة من شأنها أن تمهد لإرساء شراكة استراتيجية أكثر نجاعة بين البلدين، ومنح دينامية جديدة لآفاق التعاون بينهما . وتم، خلال هذه المشاورات، بحث السبل الكفيلة بتعزيز وتطوير التعاون بين الهند والمغرب في عدد من المجالات ذات الاهتمام المشترك، كما ناقش الطرفان مختلف المراحل الفعلية والآليات الكفيلة بإرساء شراكة استراتيجية تعود بالنفع على البلدين معا . وتبادل الجانبان، بهذه المناسبة، وجهات النظر حول أوجه التعاون الممكنة والمراحل التي تم قطعها في إطار العلاقات القوية التي ينسجها البلدان، كما تطرقا إلى سبل دعم الروابط الثنائية في المجالين الاقتصادي والتجاري، وتوسيعها لتشمل مجالات أخرى مثل الأمن ومحاربة الإرهاب والتعاون في القطاعين الاجتماعي والثقافي . وشكلت هذه الاجتماعات أيضا مناسبة استعرض خلالها الوفد المغربي التطورات الأخيرة لملف القضية الوطنية الأولى للمملكة وعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وهو القرار الذي رحبت به الحكومة الهندية "بحرارة"، مؤكدة أن "هذا الأمر سيعزز مسار الوحدة داخل القارة الإفريقية". كما اكتسبت العلاقات بين البلدين زخما قويا بانعقاد "منتدى الأعمال المغربي – الهندي" يومي 19 و 20 أبريل الماضي بمبادرة من (مغرب تصدير)، وبمشاركة وازنة لممثلي نحو 50 مقاولة هندية كبرى وعدد من المقاولات المغربية، حيث تم عقد لقاءات أعمال مصغرة لفائدة المؤسسات الاقتصادية من كلا البلدين، بالإضافة إلى تنظيم زيارات لمواقع صناعية لفائدة عدد من الفاعلين الاقتصاديين الهنود . واستمرارا لهذه الدينامية القوية، انعقدت اللجنة المشتركة المغربية – الهندية يومي 25 و 26 ماي المنصرم بالرباط والدار البيضاء، والتي تم خلالها بحث آفاق النهوض بالمبادلات التجارية وتوسيعها لتشمل قطاعات جديدة، علاوة على القطاعات التقليدية للتعاون الثنائي . وخلال هذه اللقاءات الثنائية، حرص الجانبان الهندي والمغربي على ضرورة إحداث تكامل اقتصادي بين البلدين في المجال الصناعي وغيره من المجالات الحيوية الأخرى، كما دعيا إلى تنظيم زيارات متبادلة للفاعلين الاقتصاديين من البلدين، بهدف استكشاف فرص وآفاق التعاون الممكنة للمضي قدما نحو شراكات أكثر نجاعة بينهما . على صعيد آخر، تميزت سنة 2017 بتعزيز التعاون الهندي – المغربي في المجال السياحي، من خلال حصول المكتب الوطني المغربي للسياحة على ترخيص من السلطات الهندية المختصة لفتح مكتبه الإقليمي في العاصمة نيودلهي، والثاني من نوعه داخل القارة الآسيوية، خلال بداية السنة المقبلة، ما يعكس متانة الروابط الثنائية ويزيد من انفتاح البلدين على بعضهما البعض . كما شهدت هذه السنة زيارة مهمة لوفد مغربي رفيع إلى الهند من أجل الاطلاع على تجربتها المتميزة في مجال إنشاء "السجل الوطني للسكان"، واستلهام برنامج "آدهار"، الذي يوفر لسكان الهند رقم تعريف فريد، كجزء من برنامج طموح لتحديد الهوية المقترنة بمعطيات بيومترية، للاستعانة به في مواكبة تأسيس النموذج المغربي الذي يهدف إلى تنظيم الخدمات الإدارية والاجتماعية الموجهة للمواطنين . ويتطلع الهند والمغرب إلى تنويع مجالات تعاونهما، الذي يتركز حاليا في قطاع الفوسفاط ومشتقاته، من خلال العمل على توسيعه ليشمل قطاعات الفلاحة والصناعات الصيدلانية والسيارات والفضاء والبحث والتطوير والتكنولوجيا وتدبير الموارد المائية والتكوين المهني. كما أن البلدين مدعوان معا إلى تشجيع الاستثمارات المشتركة والتركيز على القطاعات التي لم يتم استكشافها من قبل مثل الطاقة والطاقة المتجددة والمجال البحري والاقتصاد الأزرق، بالإضافة إلى قطاعات الفلاحة والحكومة الإلكترونية والتعليم والنقل الجوي بينهما. وتشهد العلاقات الثنائية دينامية متجددة، عززتها الزيارتان التاريخيتان اللتين قام بهما صاحب الجلالة الملك محمد السادس للهند في فبراير 2001 وفي أكتوبر 2015، حيث تم منذ ذلك الحين التوقيع على العديد من اتفاقيات التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، في إطار شراكة استراتيجية تقوم على مبدإ "رابح – رابح" . وتعد الهند، ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان وثالث أكبر اقتصاد في القارة الآسيوية، من أبرز القوى الاقتصادية الصاعدة على الساحة الدولية، كما تتطلع إلى أن تصبح إحدى الاقتصاديات الأربع الأولى على الصعيد العالمي خلال العقود المقبلة .