وقع الكاتب والإعلامي والفنان التشكيلي عبد الرحيم التوراني، يوم 11 دجنبر الجاري ببيروت، مجموعته القصصية "نزوات غويا" بجناح دار الريس للكتب والنشر، وذلك ضمن فعاليات معرض بيروت للكتاب العربي والدولي، الذي نظم بالعاصمة اللبنانية. حضر حفل التوقيع خلال هذا الحدث الثقافي الهام، العديد من الأدباء ورجال الفكر والفن بلبنان، يتقدمهم كل من محمد كرين، سفير المغرب ببيروت، وسفير المغرب السابق في التشيلي المناضل والروائي عبد القادر الشاوي، والإعلامي محمد العلمي كبير مراسلي قناة "الجزيرة" بوشنطن.. غلاف المجموعة القصصية "نزوات غويا" الصادرة عن دار الريس للكتب والنشر بلبنان صدرت المجموعة القصصية للكاتب المغربي عبد الرحيم التوراني، عن دار "رياض الريس للكتب والنشر" بلبنان، في طبعة أولى، تحت عنوان "نزوات غويا" وتتميز، كما عهدنا في الكاتب، بأسلوب سهل ممتنع يجنح إلى البساطة المفعمة بالدلالات التي تغوص في النفس الإنسانية، وتصدح بمكنونات فلسفية تمنح الكاتب فرادة خاصة في الأسلوب وطريقة تناول موضوعاته القصصية. وتتضمن المجموعة القصصية عشرين قصة حملت العناوين التالية: "الميت الأبكم"، "المديح السفلي"، "موت مجنون"، "ذاكرة الحرب المبتورة"، "نزوات فرانسيسكو غويا"، "رائحة القتل والجنون"، "أفكار بلا أزرار"، "سكرة بجانب الموتى"، "المشنوق يشرب القهوة من السقف""، "مدونة الغيلم"، "فيلم جديد للمخرج مايكل مور"، "بوحمارة في درب مولاي الشريف"، "أغنام وأرانب مغدورة"، "القمقوم"، "سنوات الكلب والنباح"، "الذباب البليد"، "هزيمة حارس المرمى"، "البيروقراطي والأرستقراطية"، "القبر الأخير" وأخيرا "إعدام الجثث ذات الدم الحار". التوراني مع محمد كرين سفير المغرب في لبنان، والاعلامي الكبير محمد العلمي ويعبر عنوان المجموعة القصصية عن عوالم الموضوعات التي يقدمها التوراني بأسلوب مختلف، منتقدا الأوضاع السياسية والاجتماعية بطريقة غير مباشرة، عبر تصوير الاضطرابات التي تسكن النفس البشرية نتيجة الظروف المحيطة، شخصيات غرائبية وكوميديا سوداء، تكشف عيوب المجتمع ولا تغرق القارئ بالكآبة أو البكاء، وإنما تنقله إلى ما وراء العتمة، إلى خاتمات مفتوحة الأسئلة، فلا أجوبة جاهزة أو استنتاجات واقعية، فقط آفاق بعيدة، من سخرية قاتلة حد الموت المعشش في ثنايا النصوص، والمحلقة بعيدا عن العادي والواقعي كما في الأحلام، إلى رمزية وفنتازيا فوق المرئيات. عبد الرحيم التوراني خلال حفل توقيع عمله الابداعي "نزوات غويا" وتغوص قصص عبد الرحيم التوراني في عيوب المجتمع، لتنخر السلطة ورجالها، وحكام الفساد السياسي والأخلاقي والديني، وتفند مظاهره وتأثيراته، في لغة وسرد غني ومميز، يحفر عميقا في اللغة التعبيرية الخاصة. القصص هي عبارة عن لوحات فنية ساحرة، أشبه بلوحات الفنان الاسباني المشهور فرانسيسكو دي غويا المعروفة باسم "النزوات"، والتي عبر فيها عن نقده لفساد البلاط الملكي الاسباني والنبلاء ورجال الدين ومحاكم التفتيش وضحاياها، في أواخر القرن السابع عشر، ساخرا من الواقع الاجتماعي الممتلئ بالرعب من الفظائع التي ارتكبت والشرور التي حكيت في كواليس القصور. ومن أبرز ملامح الكتابة عنده عبد الرحيم التوراني، ذلك الثراء الإنساني في كتاباته التي تلتقط المفارقات في الواقع، إذ يبدأ دوما من العادي باتجاه الخارق، وقد تبادلا الأدوار، إذ المفارقة المثبتة في الواقع، جعلت من العادي خارقا ومن الخارق عاديا.. إنها حكايات بسيطة في أحداثها، أكثرها تعبر عن موقف بسيط، لكنها تمضي أعمق من السطح، إلى رصد التحول العميق في الذات الإنسانية، في أوضاع حرجة على ركح الوجود. لا يمكن أن يكتب سواه بهكذا انتباه للتفاصيل الصغرى التي تصنع الفرق والمفارقة الواقعية والجمالية. على الغلاف الأخير للمجموعة، كتب الدكتور عبد الصمد محيي الدين: "لعل ما يميز عبد الرحيم التوراني، عن غيره من القصاصين والروائيين المغاربيين، علاوة على سلاسة الصوغ السردي، ذلك التوظيف البديع لعبثية الوجود، داخل قوالب تتخذ من التفكه نسيجاً يمْتشِقُ المضامين كسلاح ضد كآبة العالم. عبد الرحيم التوراني في دردشة مع محمد كرين وعبد القادر الشاوي وحتى لا تطغى الكآبة على المدِّ السردي، يوظف الكاتب ما يصح أن نسميه "ما وراء السوريالية" غاية في الحبك التصويري0 ومن قصة إلى أخرى، تمخر أقدار الشخوص عباب الأحداث في سياق عجائبي بامتياز، دون أن تفقد مثقال ذرة من مصداقيتها الواقعية0 لذا حق القولُ بالسهل الممتنع إزاء هذه المجموعة القصصية الذكية المضامين، الزاهية الأسلوب." التوراني مع سفير المغرب في لبنان محمد كرين وعبد القادر الشاوي الأديب والمناضل والسفير المغربي السابق بالشيلي تلك هي عوالم قصص عبد الرحيم التوراني، وذاك جزء مما يميز أسلوبه في الحكي وزوايا النظر التي من خلالها يتناول الظواهر الاجتماعية والإنسانية وكل مظاهر الفساد المتعدد الأوجه، وكل ما يمور به المجتمع المغربي، وهي قضايا يلتقطها التوراني بذكاء ليعيد صياغتها في قوالب ساخرة ذات أبعاد فلسفية وتربوية لا تخلو من رسائل إلى كل من يهمه الأمر.. ولد الكاتب والإعلامي والفنان التشكيلي عبد الرحيم التوراني بمدينة الدارالبيضاء، القلب النابض للمغرب، وهو ما جعله يعيش مجمل التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي عرفها المغرب خلال ما سمي بسنوات الجمر والرصاص. نشر كتاباته ومقالاته في العديد من الصحف والمجلات المغربية والعربية والأجنبية، وهو مؤسس ورئيس تحرير مجلة "السؤال" السياسية والفكرية، ومؤسس ورئيس تحرير الأسبوعية الساخرة "الانتهازي"، كما أشرف على رئاسة تحرير صحف ومجلات ومواقع إلكترونية مغربية. وأنجز وأخرج عدة برامج وأفلام وثائقية، حاصل على الجائزة الوطنية الكبرى للصحافة المغربية سنة 2015، وهو عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، وعضو ملتقى الذاكرة والتاريخ (جامعة الحسن الثاني) بالدارالبيضاء. من أعماله: "قبر المهدي بن بركة"، "صديقي زفزاف: الغيلم والطاووس"، "طريق العميان".
صمم التوراني العديد من الملصقات وأغلفة الكتب والمجلات، وشارك في عدد من المعارض الفنية، وترجمت بعض قصصه إلى الفارسية والإسبانية والفرنسية.