تشكل القمة العالمية للمناخ التي تعقد اليوم الثلاثاء بباريس، والتي يشارك فيها جلالة الملك محمد السادس، منعطفا هاما في مجال التصدي لتأثيرات التغيرات المناخية، اذ تتوخى النهوض بمبادرات ملموسة تكون في مستوى الخطر الذي يتهدد كوكب الارض، وتجاوز اوجه القصور على صعيد التمويل في هذا المجال. وتطمح القمة التي اطلق عليها "قمة كوكب واحد" اشراك المالية العامة والخاصة عبر مبادرات وحلول ملموسة مبتكرة وتضامنية خاصة لفائدة بلدان الجنوب والسكان الاقل حظا. وتأتي هذه القمة التي تنظم بمبادرة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، بتعاون مع الاممالمتحدة والبنك العالمي، بعد سنتين على اتفاق باريس التاريخي حول المناخ، كما تشكل امتدادا لمؤتمري (كوب 22 ) وكوب 23 ) الذين نظما سنتي 2016 و2017 ، على التوالي بكل من مراكش وبون. ويشارك في هذه القمة الهامة عدد كبير من قادة الدول، وفاعلون عموميون ومسؤولون حكوميون وجهويون ومنظمات غير حكومية وابناك ومقاولات ومواطنون ملتزمون بقضية المناخ عبر العالم . وفيما قال مسؤول بالبنك العالمي "نعتقد ان الكثير تم انجازه ، لكن جهود الفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين تظل غير كافية من اجل بلوغ اهداف اتفاق باريس، يتعين فعل المزيد" تتزايد المخاوف بشأن امكانية الوفاء بالالتزامات المتخذة سنة 2015 خلال مؤتمر (كوب 21 ) بباريس بهدف الابقاء على الاحتباس الحراري في مستوى اقل من درجتين الى غاية 2100 . ويخشى الكثيرون من ان الالتزامات الوطنية في هذا المجال، في وضعها الحالي، تجر الكوكب نحو مستوى يفوق ثلاث درجات مئوية. وزاد من هذه المخاوف القرار الذي اعلن عنه الرئيس الامريكي دونالد ترامب في يونيو الماضي، بانسحاب بلاده احد اكبر الملوثين في العالم من اتفاق باريس ، فضلا عن عزم واشنطن تخفيض مساهمتها المالية. يأتي ذلك في وقت قدرت فيه مبادرة الاقتصاد المناخي الجديد (نيو كليميت ايكونومي) الحاجيات العالمية من البنيات التحتية المستدامة بنحو 90 مليار دولار الى غاية 2030، وهو مبلغ كبير،علما ان تمويلات المناخ تصل الى حدود 410 مليار في السنة. ومن اجل التكيف مع تأثيرات التغيرات المناخية (ارتفاع عدد السكان، نظام الانذار، ..الخ) تعول بلدان الجنوب على بلدان الشمال من اجل الوفاء بوعودها ببلوغ مستوى مائة مليار دولار الموجهة لتمويل المناخ الى غاية 2020 . وهو ما يعني ان الحاجيات التمويلية ضخمة، والانتظارات متعددة ومتنوعة. ويتضمن برنامج قمة باريس ورشات حول مواضيع ذات صلة بتغيير حجم التمويل لفائدة مبادرة المناخ، وتخضير التمويل من اجل اقتصاد مستدام، وتعزيز السياسات العمومية من اجل انتقال بيئي وتضامني. كما تبحث القمة الاليات التي يتعين اعتمادها لتعبئة مشاريع تنموية منخفضة الكربون، والتكيف مع التغيرات المناخية،ووسائل ادماج الرهانات المناخية من قبل الجهات الفاعلة والجهات المنظمة للمالية الخاصة من اجل اعادة توجيه الاستثمارات نحو اقتصاد خال من الكربون. وكيفية تمكين المدن والمناطق من تحقيق طموحاتها والمساهمة بفاعلية في تنفيذ اتفاق باريس. كما تعقد بموازاة القمة وحتى غد الاربعاء لقاءات بين الشركاء العموميين والخواص والفاعلون الجمعويون، من اجل تعزيز المشاركة في دينامية التعبئة وتنفيذ حلول ملموسة لفائدة مبادرة المناخ.