أصبح رام ناث كوفيند، مرشح "التحالف الوطني الديمقراطي" الحاكم في الهند، ثاني شخصية من طبقة "داليت" (المنبوذون)، تتبوأ منصب الرئاسة في أكبر ديمقراطية في العالم، ليصبح الرئيس الرابع عشر للبلاد منذ استقلالها في سنة 1947. وتمكن كوفيند من الظفر برئاسة الهند بعد تحقيقه لفوز كاسح على منافسته المباشرة مرشحة المعارضة ميرا كومار، المنتمية بدورها إلى طبقة "داليت"، المهمشة اجتماعيا واقتصاديا، ليخلف الرئيس المنتهية ولايته براناب موخرجي، وليصبح ثاني رئيس من طبقة "داليت" بعد الرئيس الأسبق كي آر نارايانان، الذي انتخب في الفترة ما بين سنتي 1997 و2002. وجاء فوز كوفيند بعد حصوله على 65.65 في المائة من الأصوات وعلى دعم 2930 ناخبا من المجمع الانتخابي، الذي يبلغ عدد أعضائه 4986 ناخبا، ب702 ألف و44 صوتا، بفارق كبير عن منافسته ميرا كومار، الوزيرة السابقة في الحكومة الاتحادية والرئيسة السابقة لمجلس النواب (لوك سابها)، والتي حصلت على 34.35 في المائة من الأصوات وعلى دعم 1844 ناخبا فقط ب367 ألف و314 صوتا. ويتوفر الرئيس الجديد للهند، الذي عمل محاميا وترافع أمام المحاكم العليا في الهند، على تجارب طويلة في الحياة السياسية ومع ممثلي المجتمع المدني، حيث خاض عدة معارك في سبيل الدفاع عن قضايا طائفة "داليت" وعموم الفقراء والمحتاجين. كما تم تعيين كوفيند (72 سنة)، الذي قاد جناح طائفة "داليت" داخل حزب "بهاراتيا جاناتا" وانتخب نائبا عنه في مجلس الشيوخ الهندي (راجيا سابها) لمدة 12 سنة، حاكما لولاية بيهار الاستراتيجية (شرق البلاد)، بعد وصول الحزب القومي الهندوسي إلى السلطة في ماي 2014. وجاء اختيار كوفيند بعدما أعلن حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم، في شهر يونيو المنصرم، عن تشكيل لجنة ضمت أقطاب الحزب كوزير الداخلية راجناث سينغ ووزير المالية والدفاع آرون جايتلي ووزير الإعلام والإذاعة فينكاياه نايدو، حيث أوكلت إليها مهمة الاقتراح والتشاور والتنسيق مع باقي المكونات السياسية بشأن اختيار مرشح توافقي لهاته الاستحقاقات الدستورية. ويدعم فوز رام ناث كوفيند تطلعات الائتلاف الحاكم بزعامة الوزير الأول ناريندرا مودي إلى كسب أصوات طائفة "داليت" واستمالة أعضائها من أجل توسيع القاعدة الشعبية للحزب استعدادا للانتخابات التشريعية لسنة 2019، لاسيما في الولايات ذات الأهمية الاستراتيجية والديموغرافية والاقتصادية مثل أوتار براديش وبيهار. وتعد طائفة "داليت" أو (المنبوذون)، البالغ عدد أفرادها نحو 200 مليون نسمة، من بين أدنى وأفقر طبقات المجتمع الهندي التي تتعرض إلى تمييز مستمر يحرم أبناءها من فرص التعليم والعيش الكريم وتحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي، إذ غالبا ما يسند إليهم القيام بالأعمال التي تتعفف الطبقات الأخرى من القيام به. وعلى الرغم من أن الوزير الأول يحتكر، بموجب الدستور الهندي، معظم السلطات التنفيذية، إلا أن رئيس البلاد يضطلع من جهته ببعض المهام البروتوكولية والصلاحيات السياسية، إذ بإمكانه طلب إعادة قراءة بعض مشاريع القوانين، وكذا القيام بدور استشاري خلال عمليات تشكيل الحكومة أو عند بروز أزمات سياسية وحكومية.