يصر حزب العدالة والتنمية على ولاءاته التنظيمية والعقائدية والدولية حتى لو كانت معاكسة لمواقف المغرب ومصالحه الاستراتيجية، وقد أسس لذلك عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق والأمين العام للحزب، عندما رفع شارة رابعة العدوية، أي شارة تنظيم الإخوان المسلمين المصنف إرهابيا، مخالفا توجهات الدولة الرسمية. اليوم بعد وقوع أزمة الخليج، نتيجة التوتر الذي تعيشه المنطقة عقب قرار دول من المجلس بالإضافة إلى مصر مقاطعة دولة قطر، ساند الحزب الطرف الثاني، الذي يعتبر راعيا للإخوان المسلمين وربيعهم العربي، واستغل الموقف الإنساني لجلالة الملك محمد السادس عندما قرر إرسال طائرات محملة بالمواد الغذائية كواجب لأمير المؤمنين في شهر رمضان، وهي المبادرة التي لا تعني بتاتا أن المغرب انحاز إلى الدوحة. لقد اختار المغرب موقفا مغايرا، باعتبار ارتباطه بعلاقات قوية مع دول الخليج، واختار أن يكون وسيطا بدل أن يكون منحازا لأي طرف دون الآخر، رغم التحرشات القطرية السابقة، وهو موقف مبني على روح الدبلوماسية التي تطفئ الحرائق ولا تشعلها. غير أن الحزب الذي يقود الحكومة اختار تصنيف الدول المقاطعة لقطر بدول الحصار. وهو انحياز واضح لهذه الدولة. وأخرج الحزب كتائبه الالكترونية التي نشرت توسيمة(هاشتاغ) تحت شعار "كلنا قطر". وكان مفروضا في الحزب، الذي يقود الحكومة أن يكون موقفه من موقف الدولة. والأخطر من ذلك أن يخرج فقيه الحركة والحزب أحمد الريسوني ليشتم علماء العالم الإسلامي مصنفا إياهم بعلماء السلطان ومصنفا علماء قطر بالعلماء المستقلين. واعتبر الريسوني مقاطعة الدول المعنية لقطر "بغيا وعدوانا يجب إنكاره وتمزيقه"، والبغي هو الظلم بينما ما يقع هو خلافات مرتبطة بالجغرافية السياسية والمصالح الإقليمية والدولية. وقال الريسوني في حوار مع الجزيرة نيت "قد بات معروفا أن عددا من مؤسسات العلماء مؤممة ومملوكة، تماما مثل الشركات والمرافق الحكومية. ولذلك تجد الشباب والمثقفين وعامة الناس غير عابئين بما تقوله هذه الهيئات وهؤلاء العلماء؛ لأنهم أصبحوا مجرد ببغاوات يرددون ما يقوله الحاكم ووسائل إعلامه. فهم ينطقون بالسياسة ومتطلباتها، لا بالعلم ومقتضياته". التقسيم الذي أورده الريسوني لم يشر فيه لا من قريب ولا من بعيد للعلماء المرتبطين بقطر. نسي أنه نائب رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، الذي يترأسه شيخ الفتنة والإرهاب، يوسف القرضاوي، الذي يفتي وفق تطلعات دولة الإقامة والتمويل، ونسي أنه هو نفسه أصدر فتاوى كثيرة خدمة للدوحة وليس خدمة للدين. أليس العلماء المرتبطون بقطر رسميون بل إرهابيون؟ في الموقف من أزمة الخليج لم يقف المغرب لا مع قطر ولا مع الدول المقاطعة لها، وطرح نفسه وسيطا بشرط توفر الإرادة لدى الطرفين لقبول هذه الوساطة، وبالتالي كان على الحزب الذي يقود الحكومة أن يكون في صف الدولة المغربية في تحديد موقفه بدل هذا التناقض المريب.