أتابع بألم وحسرة ما يقع اليوم في بعض المؤسسات الجامعية، وما نسمع هنا وهناك من اتهامات لبعض الأساتذة الباحثين من تلاعب بمصير طلاب علم ومعرفة؛ بلغت حد الادعاء أن بعضهم يختار منطق "الجنس مقابل النقط " . ذكرني ما يقع اليوم بما حصل لي مع الأستاذ لحسن الداودي سنة 2012 وهو وزير للتعليم العالى وانا الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي، إذ دعاني إلى مكتبه بحسان وسلمني رسالة من مجهول غير موقعة تتهم أستاذا جامعيا يعمل بإحدى مؤسسات التعليم العالي بالفساد الأخلاقي وبابتزازه للطالبات "الجنس مقابل النقط" وهاته الرسالة معززة بصورة للاستاذ موضوع الشكاية مع إحدى طالباته بمقهى المؤسسة. فكان لي مع السيد الوزير ابداء الملاحظات التالية : 1- أنه من المستحب وتجنبا لأي تجني على أي أستاذ ألا نقبل بالتعامل مع الرسائل مجهولة الموقع. 2-أن إشهار أي واقعة أخلاق داخل الحرم الجامعي هو مس بسمعة المؤسسة والجامعة والوطن . 3- أن أساتذة التعليم العالي يبلغ عددهم ما يزيد عن 13000 أستاذا، وأنه قد يوجد هنا أو هناك أحد ممن يمكن أن يصدر عنه تصرفات لا تليق بالأستاذ الباحث في علاقاته مع طلابه، إما لانعدام التجربة أو لعدم قدرته على ضبط أحاسيسه وتصرفاته وهذا ليس دفاعا عن مثل هاته الممارسات بل إن النقابة الوطنية للتعليم العالي تدعوك السيد الوزير ان تطبق القانون على كل من ضبط بهاته الممارسات. 4- التزمت أمام الوزير أنني سأقوم بما يجب دون ضجة وسط المجتمع ، وهكذا اتصلت بالأستاذ ونبهته وبينت له عواقب تلك الصورة الملتقطة مع طالبته وتفهم كلامي ومرافعتي دفاعا عن صورة التعليم العالي لدى الغير. واتذكر اني لم أحدث أحدا في الموضوع حتى الأجهزة النقابية لم تسمع مني بالموضوع. ولأول مرة بعد مرور 5 سنوات أتحدث في الأمر. واذكر أن هاته الحالة لم تكن فريدة بل كانت هناك حالات أخرى لا أذكرها الآن إما بين جسم الأساتذة الباحثين أو بين بعضهم وطلابه أو بين البعض وأطرافا من المجتمع. إن التعليم العالي ببلادنا يعاني من عدة اختلالات منها البيداغوجية ومنها المالية ومنها المرتبطة ببنيات الاستقبال ومنها المتعلقة أساسا بالتدبير والحكامة ومنها ظاهرة العنف في بعض الجامعات. ومنها ما اصبح يطفو على السطح من أخلاقيات المهنة لدى بعض مكونات التعليم العالي و هذا أمر مؤسف . فقد اخبرني أحد الأصدقاء البرلمانيين أن قضية "الجنس مقابل النقط " طرحت على الوفد البرلماني الذي زار سلطة عمان خلال الأشهر الأخيرة بصورة أثرت سلبا على صورة المغرب الجامعية وهاته نقط سلبية تسجل ضدنا . لكل ذلك كنا قررنا في النقابة الوطنية للتعليم العالي تنظيم ندوة وطنية في موضوع: "أخلاقيات مهنة الأستاذ الباحث"، وهي الندوة التي لم نتمكن من تنظيمها رغم الإعداد الأولي لها إذ كنت اتصلت بخبراء من فرنسا وأسبانيا والمانيا في الموضوع . لكن الظروف العامة لم تساعد على ذلك. إن ما يروج اليوم في بعض المؤسسات ونطلع عليه في بعض وسائل الاعلام يحط من أدوار ورسائل التعليم العالي ويضرب المنظومة في قلبها. الظاهرة مرفوضة بكل المقاييس والقناعات والعقائد الفردية والجماعية لكل ذلك أوجه نداء لكل الضمائر الحية لمحاربتها وأول ذلك الأستاذ الباحث الذي عليه ان يبتعد عن كل الشبهات وعليه ان يفرق بين مقر عمله في علاقاته بطلابه وإداريي المؤسسة وزملائه وبين أماكن أخرى قد تسمح له بحرية التصرف. لا أعطي الدروس لأحد. ولكن ألم وجسامة ما حصل للأستاذ صاحب " الجنس مقابل النقط" دفعني للتفاعل والكتابة. نحن في مجتمع يجوز أن يقع فيه أي شيء لكن على المسؤولين ان يختاروا الطرق الكفيلة بتحصين المهنة وصورة التعليم العالي ببلادنا. وذلك ذكاء خاص في المعالجة. اما الفضيحة فسهل أمرها و حين تحصل فإنها تسيء للجميع. فاعتبر.