حملت صحيفة الشروق الجزائرية سلطات بلادها مسؤولية " سلبية التعاطي " مع مشروع الطاقة الشمسية الرائد " ديزيرتيك" و قصور أداء الحكومة الجزائرية مع هذا الملف كسبب لقرار الفاعل الألماني الساهر عليه القاضي بنقله الى المغرب بعد أن كان مقررا إطلاقه بجنوب الجزائر. و"ديزرتيك" هو أكبر مشاريع توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية طموحا في العالم، وهو يستهدف الاستفادة من الطاقة المتجددة وتصديرها إلى دول أوروبا بطاقة أولية تصل إلى 15 بالمائة من حاجة دول القارة العجوز، من الكهرباء بحلول عام 2050.
و كشفت الشروق في عددها الصادر أمس أن حلقات المشروع كانت قد اكتملت بحصوله على الضوء الأخضر من السلطات السياسية في كل من الجزائر وبرلين، في نهاية سنة 2010، خلال زيارة الرئيس بوتفليقة إلى ألمانيا، وما تبع ذلك، من توقيع مذكرة تفاهم بين شركة سونلغازو مديرية ديزيرتيك، غير أن المشروع لم ير النور على الرغم من تخصيص مستثمرين ألمان و أوروبيين و أمريكيين غلافا ماليا قدر ب400 مليار أورو، قبل أن ينضم إليهم مستثمرون أوروبيون وأمريكيون وقدمت الجزائر حسب الصحيفة يومها على أنها الدولة الأوفر حظا للظفر بأكبر أجزاء هذا المشروع الموزع بين شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بالنظر إلى شساعة أراضيها وتوغلها في عمق الصحراء مقارنة بدول الجوار.
و أكد ذات المصدر أن تماطل المسؤولين الجزائريين في التعاطي مع مشروع ديزيرتيك، دفع القائمين عليه إلى نقله إلى المغرب، تماما مثلما حصل مع مصنع "رونو" للسيارات الذي أقيم أيضا بمدينة طنجة المغربية مشيرة إلى أن غياب الكفاءة و الفاعلية لدى المسؤولين عن القطاع بدواليب الحكومة الجزائرية .
و كان المدير التنفيذي لمؤسسة Dii التي ترعى مبادرة ديزرتيك الصناعية قد أكد بداية أكتوبر الماضي أن المغرب سيحتضن أول محطة رائدة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية الأولى من نوعها ضمن مشروع ضخم يهم إنشاء شبكة من المحطات الشمسية المتصلة بمنطقة شمال إفريقيا بغرض تأمين أزيد من 15 في المائة من حاجيات أوروبا من الطاقة فضلا عن تزويد الدول المضيفة للمحطات من حصة هامة من الطاقة المتجددة النظيفة .
و حسم فان سون حينها بعد أشهر من التردد الجدل الدائر حول الدولة المؤهلة لاحتضان المحطة الرائدة بالمشروع حيث كانت المنافسة على أشدها بين كل من المغرب و تونس فضلا عن الجزائر الذي تدخل في وقت سابق رئيسها بوتفليقة لدى المستشارة الألمانية ميركل بقوة لحمل الشركات الألمانية التي تشكل القوة الاقتصادية الرئيسية داخل تكتل مبادرة ديزيرتيك الصناعية لترجيح كفة الجزائر .
وسبق للجزائر أن أعلنت رغبتها في إقامة شراكة بعيدة المدى مع الشركات الأوروبية التي تقف وراء مشروع "ديزيرتيك" لإنتاج الطاقة في الصحراء الكبرى، والذي تبلغ تكلفته 400 مليار يورو (569 مليار دولار) على أن تردد صناع القرار الجزائريين و تشديدهم لشروط استقبال المشروع حذا بمجلس إدارة المشروع إلى اختيار المغرب في آخر المطاف حيث أكد فان سون أنه يقدم أكبر الضمانات لنجاح المشروع الرائد بدءا من استقراره السياسي و الاجتماعي و الدعم الحكومي الكامل لبرنامج الطاقات المتجددة في الوقت الذي تناقضت تصريحات المسؤولين الجزائريين في التعامل مع المشروع الطاقي الأكبر من نوعه في العالم و فرض بعضهم شروطا مجحفة لاستقبال نواته الأولى فوق التراب الجزائري .
و يبلغ الاستثمار المرصود للمحطة الطاقية الرائدة في المشروع أزيد من 800 مليون دولار و يرتقب أن تنطلق أشغال تشييدها في غضون السنة المقبلة .
و يشهد قطاع الطاقة خلال الأسابيع القليلة الماضية بالجارة الجزائر أزمة بنيوية حادة، حيث تعاني أزيد من نصف ولايات أكبر مصدر للبترول بالمنطقة إلى إنقطاعات متكررة و متتالية للتيار الكهربائي في عز حرارة صيف غير مسبوقة بمجموع التراب الجزائري .
و قد تدفق خلال الأسبوع الماضي مئات ألاف الجزائرية على المصالح التجارية لشركة سونلغاز ( المحتكرة لتوزيع الغاز و التيار الكهربائي ) في مختلف ولايات الجزائر، للمطالبة بتعويض عن الأضرار الناجمة عن الانقطاع المتكرر للتيار الذي تسبب في أعطاب للأجهزة الكهرومنزلية لكثير من العائلات التي لا يمكن لأي أسرة الاستغناء عنها خلال هذه الأيام التي تعرف درجات حرارة تعدت الأربعين في غالبية ولايات القطر الجزائري الذي توقفت حركة القطارات في عاصمته أكثر من مرة خلال الأيام الأخيرة نتيجة اضطراب التزويد بالخدمة في الوقت التي شهدت عدة مدن مواجهات عنيفة بين المواطنين المحتجين على رداءة و سوء خدمة الطاقة و قوات الأمن العمومية .