الحلقة الرابعة في عهد رئيس الجماعة الحضرية الاستقلالي الأسبق أحمد مفدي استطاع العربي الجبيلي أن ينتزع من الجماعة المذكورة مشروعين ضخمين عن طريق (المناقصة طبعا ).. هما : المخيم الدولي الكائن بطريق صفرو، وسوق الأحد المخصص لبيع المواشي وسواها، والكائن بحي بن سودة، وذلك بعقد إيجار لمدة 30 سنة... لكن الرئيس الأسبق بحنكته وخبرته ضمّن ( العقد الخاص بسوق الأحد ) بندا يعطي الحق للجماعة الحضرية زواغة في فسخه بدون شروط إذا ما رأى أن مصلحة الجماعة تقتضي ذلك. وبما أن العربي الجبيلي لا يفهم شيئا إسمه القراءة والكتابة فقد تم تمرير هذا الشرط لفائدة الجماعة دون أن ينتبه لذلك، وهو ما استغله شباط لاحقا ضد الجبيلي..
وحينما اعتلى شباط كرسي جماعة زواغة رسميا..... بدت الفرصة مواتية (للجبيلي ) لكي يقترب أكثر من شباط لضمان المزيد من الامتيازات.. حينها لم يكن أحد يحلم حتى في منامه بأن حميد شباط سيصبح يوما ما عمدة مدينة فاس، ويوما بعد آخر بدأت الخلافات تدب وسط هذه العلاقة بين رجلين: أحدهما همه الوحيد هو الحصول على المال بأي وسيلة من الوسائل، والآخر بدأ يتطلع إلى أفق السماوات طمعا في تحقيق مكاسب سياسية وأخرى مادية.. كان شباط فقيرا... قياسا إلى الثروة التي كان يملكها الجبيلي ...
مرت أيام بينهما في علاقة جيدة، ثم انقلبت بسرعة إلى عداوة بغيضة بين الرجلين. فماذا جرى ؟ بدأت القصة حينما تقدم العربي الجبيلي بطلب رسمي للجماعة الحضرية زواغة التي كان يرأسها شباط بطلب يرمي إلى الزيادة في أثمنة دخول الدواب إلى حظيرة السوق الأسبوعي بن سودة. .. لكن رئيس الجماعة أهمل الطلب.. فبدأت أشواط الصراع بين الرجلين الصديقين اللذان تحولا لاحقا إلى عدوان لذودان .
شباط لم يفوت أي فرصة ضد خصومه إلا واستغلها أبشع استغلال، فحينما تقدم الجبيلي بطلب الزيادة في أثمنة دخول السوق.. رفض شباط.. ولكن حينما هبت سنوات الجفاف وأضحت الماشية تباع بأثمنة بخسة، فقط حينها وافق شباط على طلب الجبيلي القاضي بالزيادة في أثمنة دخول الدواب.. وهو ما سبب كسادا في السوق حيث بدأ الناس يتجهون إلى أسواق أخرى..
وكان العربي الجبيلي غبيا لدرجة أنه كان يصدق أي "سمسار" يدعي أمامه أنه يعرف شخصيات نافذة في الدولة و هكذا خسر الملايين بين فاس والرباط، طلبا للتدخلات من هذه الجهة أو تلك وحينما أحس شباط بأن الجبلي بدأ يتآمر عليه، جمع مجلس الجماعة في دورة خاصة و ألغى عقد الإيجار الذي يربط جماعة زواغة بالسيد الجبيلي، وزادت متاعب هذا الأخير وتضاعفت خسائره المادية فقرر بدوره إشعال حرب ضروس ضد شباط، وهكذا بدأت المعركة بينهما استمرت بضع سنوات مؤامرات الجبيليين ضد شباط .
ذات مرة اختلق آل الجبيليين قصة أوصلوها إلى المحاكم كان عنوانها :"زوجة حميد شباط تستغل سيارة إسعاف الجماعة ليلا، فتذهب إلى المقبرة في خلال شهر رمضان المعظم لتنبش أحد القبور فتقطع يد الميت لأجل استخدامها في السحر".
هناك شكاية لدى النيابة العامة بفاس بخصوص هذا الموضوع وقد تدبروا شاهدي إثبات لهذه القضية .
بعد ذلك: تقدم ثلاثة شبان بشكوى للسيد وكيل الملك ضد أحد أبناء شباط يتهمونه عبرها باستغلال نفوذ والده الذي أصبح رئيسا لجماعة زواغة ونائب برلماني، فوعدهم بترحيلهم خارج الوطن مقابل خمسة عشر ألف درهم لكل واحد منهم دفعوا طبقا للشكوى خمسة آلاف درهم عربون، لكن ابن الرئيس تماطل عليهم كثيرا.. فاضطروا لتقديم شكوى بالنصب والاحتيال ضده.. النيابة العامة أصدرت على الفور مذكرة بحث بحق ابن شباط... وبدأت المآسي تنهال على رأس ابن قبيلة البرانص الشقي، وهناك عشرات الشكاوى و القضايا ضد زوجته وأبنائه.. لكنها كانت كلها من تدبير آل الجبيليين ( سنأتي على ذلك في حينه).
بعد صعود شباط لعمودية فاس جاء الجبليين.... وأعلنوا استسلامهم.. وأصبحوا أعضاء في حزب الاستقلال وأضحى العربي الجبيلي أحد الممولين الرئيسيين لمؤتمرات شباط وأنشطته الحزبية وسواها بعد ما كان يتهمه شباط بالاتجار في المخدرات، لكن حينما أصبحت أموال المخدرات تصرف على مؤتمرات حزب الاستقلال ونقابة الاتحاد العام للشغالين أصبحت "الفلوس" حلال، ويتذكر الرأي العام حينما احتل أنصار شباط مقر الاتحاد العام للشغالين بالدار البيضاء.. وتلا ذلك مؤتمر النقابة الذي أزاح فيه شباط عبد الرزاق أفيلال وسلم مفاتيح النقابة مؤقتا للسيد الأندلسي.. تمهيدا للسيطرة عليها لاحقا... هذا المؤتمر موّل بالكامل من قبل آل الجبيليين.
ملاحظة ضرورية: نكتب هذه الحلقات لمن يرغب من الاستقلاليين أن يفهم كيف.. وبأية طريقة ووسيلة وصل شباط إلى مراكز القيادية في الحزب ويسعى الآن ليصبح أمين عام الاستقلاليين والاستقلاليات.. وتلك هي الطامة الكبرى لا قدر الله.