قال ميشيل بوير، باحث فرنسي في التاريخ والعلاقات الدولية ، مساء أمس الثلاثاء بالدار البيضاء، إن عودة المغرب، البلد القوي والدينامي، إلى الاتحاد الإفريقي من شأنها أن تضفي قوة على القارة السمراء. وأبرز بوير في عرض- مناقشة حول "المغرب ما بين جذوره الإفريقية وامتداداته المتوسطية" أنه باسترجاع المملكة المغربية لمكانها الطبيعي داخل الاتحاد الإفريقي تقدم رسالة مفعمة بالأمل، مفادها أنه لا يمكن للقارة السمراء أن تحقق رهاناتها التنموية دون أن توحد قواها وتعتمد على قدراتها الذاتية.
وأوضح، في هذا اللقاء الذي نظمه المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات، أن العلاقات التي ينسجها المغرب مع الفضاء الإفريقي والفضاء المتوسطي تؤكد انه "من الضروري إقامة علاقة مع الأخر من أجل السلام والازدهار وتحقيق مختلف أشكال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية وابتداع طريقة أخرى للعيش المشترك".
واعتبر أن الخطاب التاريخي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس في أديس بابا أمام المشاركين في قمة الاتحاد الإفريقي بحمولته الرمزية وبصدقه وبرؤيته الثاقبة "يجعلنا نتطلع بثقة لمستقبل المغرب والقارة السمراء".
وأكد أن جلالة الملك من خلال زياراته لمجموعة من الدول الإفريقية يظهر إرادة ملكية راسخة لتحقيق التنمية بإفريقيا، اعتمادا على القدرات الذاتية وعبر عقد شراكات حقيقة وعملية من أجل تحقيق الازدهار والتنمية الاقتصادية والبشرية.
وأبرز أن المغرب "الذي يعتبر قوة إقليمية وازنة، يعيش استقرارا وأمنا في محيط مضطرب، مما يؤهله للعب دور الريادة على المستوى الإفريقي بجدارة.
ولدى تطرقه إلى العمق الإفريقي والامتدادات المتوسطية للمملكة عبر التاريخ، أوضح الباحث أن هذه العلاقة المزدوجة بين فضاء إفريقيا جنوب الصحراء والمتوسط يمكن أن تشكل أفقا للمستقبل حيث يواصل المغرب لعب دوره كجسر بين العالمين.
وأبرز أن تاريخ المملكة يرتبط بشكل وثيق بعمقه الإفريقي و امتداداته المتوسطية، حيث ساهم في بنائهما معا وترك تأثيراته عليهما، سواء في الثقل الروحي أو الديني الذي مثله على الدوام بإفريقيا أو في الإرث الحضاري والعقلاني والثقافي الذي خلفه بالأندلس.
وقال إن المغرب يواصل اليوم من خلال رؤية واضحة ودينامية راسخة تعزيز هذه الأدوار التاريخية، و التطلع بثقة إلى المستقبل في استيعاب لهوياته المتنوعة والمنفتحة.
وأشار إلى أنه على غرار الصين التي أصبحت تمثل أول قوة اقتصادية منذ 2015 ،وذلك بعد أن نجحت في تعزيز حضورها بآسيا الجنوبية والشرقية ، استطاع المغرب القوة الاقتصادية المهمة بالقارة الإفريقية أن يفرض نفسه في محيطه الإقليمي.
وأضاف أن المغرب يعيد اليوم روابطه مع الدينامية الجيو- سياسية والجيو- اقتصادية لماضيه وتاريخه الصحراوي والمتوسطي بشكل أكثر توازنا وطرق إدماج أكثر عملية بعيدا عن كل أشكال الهيمنة.