صدرت في نفس اليوم صيغتان في جريدتين يوميتين حول اللقاء الذي يكون قد جمع مؤخرا رئيس الحكومة المكلف عبد الإله بنكيران بفؤاد عالي الهمة، مستشار الملك، في الفيلا الخاصة لبنكيران بزنقة جان جوريس. جريدة المساء نقلت أن بنكيران رفض صباح الثلاثاء تأكيد أو نفي الزيارة التي قام بها المستشار الملكي، معلقا "لقاءاتي مع مستشاري جلالة الملك يحيطها ما يحيطها من التوقير والاحترام" ومضيفا، حسب الجريدة، أن هناك مناسبات يلتقي فيها "بمستشاري الملك محمد السادس محمد السادس ... لا يمكن الحديث عما يدور داخل هذه اللقاءات".
وفي هذا التصريح يريد بنكيران أن يبين أنه بات واعيا أنه تخلى عن عادة الكشف عما يجري في لقاءاته ومفاوضاته سواء مع مستشاري الملك أو مع قادة الأحزاب السياسية التي خلقت له كثيرا من المشاكل ودفعت محاوريه إلى الحذر والاحتياط لدى لقائهم به، إذ تم التشهير بهم من طرف توفيق بوعشرين بناء على أحاديث خاصة مفروض أن تبقى في نطاق الخاص والحفاظ على أصول الحوار والتفاوض، وكان رئيس التجمع الوطني للأحرار قد عبر عن امتعاضه من تسريب فحوى لقائه التفاوضي مع بنكيران لبوعشرين واعتبر أن الأمر ينطوي على محاولة ابتزاز بواسطة الإعلام، مما أدى به إلى تجنب اللقاء برئيس الحكومة المكلف لمدة طويلة في ظرفية حرجة بالنسبة لهذا الأخير.
لكن هذا التصريح المسؤول لبنكيران سرعان ما تم تكذيبه من طرف الجريدة الناطقة رسميا باسمه : "أخبار اليوم"، حيث تضمنت مجموعة من التوضيحات التي لا يمكن أن تصدر إلا عن بنكيران وتكشف ما رفض قوله ل"المساء".
ذلك أن الجريدة الرسمية لحزب العدالة والتنمية كتبت ما يلي " وفي الوقت الذي راجت فيه أخبار عن زيارة قام بها المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران أبلغه فيها رسالة مفادها أن الملك لا يرغب في أن يقدم استقالته، قالت مصادر "أخبار اليوم" إن الزيارة "تمت فعلا" كما تمت زيارات أخرى، وإن موضوع المشاورات الحكومية كان عرضيا، لكن لم يرد فيها أبدا طلب "عدم تقديم استقالة" بنكيران.
وأضافت الجريدة القطرية لإخوان المغرب أن "موضوع زيارة المستشارين الملكيين فؤاد عالي الهمة وعمر عزيمان لبيت بنكيران كان يتعلق بالبيان الذي صدر عن رئيس الحكومة حول موضوع مادة الفلسفة.... لمواجهة الانتقادات المتصاعدة لأساتذة الفلسفة بشأن مقرر لمادة التربية الإسلامية..."
وأضافت الجريدة أن بنكيران يراوده الأمل في تشكيل الحكومة بعد عودة الملك من أديس أبابا وأنه ينتظر رد أخنوش على اقتراحه ضم الاتحاد الدستوري للحكومة ورفضه للاتحاد الاشتراكي "حاليا".
هكذا شكل مقال "أخبار اليوم" بيانا مبطنا يكشف عما راج في لقاء رئيس الحكومة في لقاء مع مستشارين ملكيين وتجاوزا لواجب التحفظ الذي قال ل"المساء" أنه يلتزم به.
بنكيران يظهر بوجهين ويدلي بموقفين في نفس اليوم إذن، ويبين أنه ليس الشخص الذي يستطيع الصمت عندما يكون مطلوبا وحكمة، فالطبع يغلب التطبع كما يقال. وبعيدا عن حسابات ما قد تكون وراء سكيزوفرينيا الاتصال هذه، فإنه يبدو أن ل"أخبار اليوم" عليه سلطة لا يملك القدرة على مقاومتها.