اصيبت نائبة بريطانية مؤيدة لبقاء بلادها في الاتحاد الاوروبي بالرصاص، اليوم الخميس، في شمال انكلترا، ما ادى الى تعليق حملة معسكرها قبل اسبوع من الاستفتاء حول عضوية بريطانيا في 23 يونيو. وتعيش بريطانيا اجواء مشحونة قبل الاستفتاء، بعدما رجح استطلاعان جديدان للرأي فوز معسكر مؤيدي خروج البلاد من الاتحاد الاوروبي فيما تحذر اوساط المال من عواقب خطيرة على الاقتصاديْن المحلي والعالمي في هذه الفرضية.
وتعرضت النائبة البريطانية جو كوكس (41 عاما) من حزب العمال المعارض لإطلاق نار الخميس في بيرستال شمال انكلترا، حسب ما أوردته وسائل الاعلام البريطانية مشيرة الى انها في حالة حرجة.
وأكدت الشرطة في بيان ان امرأة في الاربعين اصيبت بجروح خطيرة وإنها في حالة حرجة، لكن دون الكشف عن هويتها، مضيفة ان رجلا في ال 52 تم توقيفه.
ونقلت وكالة "برس اسوسييشن" عن شاهد قوله ان "كوس" وهي ام لولدين سقطت على الرصيف وهي تنزف في بريستال.
وقال شاهد آخر ان المهاجم هتف "بريطانيا اولا"، كما نقلت عنه شبكة "سكاي نيوز" فيما تشتد الحملة من اجل الاستفتاء.
وقالت شبكة "تشانل 4 نيوز" ان النائبة التي انتخبت في العام 2015 عن دائرة "باتلي اند سبين" في غرب يوركشير تعرضت ايضا للطعن.
وأعلنت شرطة غرب يوركشير في بيان "عند الساعة 12,53 تلقت الشرطة اشعارا بحادثة في شارع ماركت ستريت في بريستال بان امرأة في الاربعين اصيبت بجروح خطيرة وهي في حالة خطرة". وتابعت الشرطة ان رجلا اصيب ايضا بجروح طفيفة.
وسرعان ما اعلن المعسكر المؤيد لبقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي تعليق حملته بعد اصابة النائبة. وكتب معسكر "اقوى داخل الاتحاد الاوروبي" (سترونغر ان) في تغريدة "نعلق حملتنا اليوم. نصلي من اجل جو كوكس واسرتها".
كما اعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الخميس عن الغاء لقاءات سياسية كان من المرتقب ان يعقدها في جبل طارق بعد الاعتداء على النائبة البريطانية.
وكتب على تويتر "من الصائب تعليق كل الحملات بعد الهجوم الرهيب على جو كوكس. لن اعقد تجمعا هذا المساء في جبل طارق" حيث كان وصل كاميرون مساء. واظهر استطلاع "ايبسوس-موري" الشهري للمرة الاولى تقدم معسكر الخروج ب53% في مقابل 47%، بينما اظهر استطلاع معهد "سورفيشن" ان مؤيدي الخروج يتقدمون ب52% مقابل 48% يفضلون بقاء البلاد في اوروبا.
وقبل شهر كان المعهد نفسه اشار الى تقدم حملة البقاء في الاتحاد بنسبة ساحقة بلغت 57% مقابل 43%.
وقالت صحيفة "ايفنينغ ستاندرد" التي نشرت الاستطلاع ان "تغير الوضع يشكل امرا مثيرا للاستغراب".
لكن الصحيفة اشارت الى ان "20% من الذين استطلعت آراؤهم قالوا انهم يمكن ان يغيروا رأيهم". كما ان استطلاع "سورفيشن" شمل 13% من المترددين.
لكن القلق بدا واضحا سواء في الاسواق المالية البريطانية او في اروقة بروكسل رغم ان رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر اكد ان الاتحاد الاوروبي لن يكون معرضا "لخطر الزوال" اذا فاز مؤيدو خروج بريطانيا.
من جهته اعتبر رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك في هلسنكي انه "من الصعب التفاؤل" حيال الاستفتاء في بريطانيا نظرا لنتائج استطلاعات الرأي.
وتابع ان المملكة المتحدة "دولة اساسية في الاتحاد الاوروبي" و"خروجها الآن لا معنى له". وقال "سيكون خطأ فادحا بالنسبة اليهم والينا في حال فاز معسكر مؤيدي الخروج في بريطانيا"، لكنه اكد بدوره ان ليس لديه اي شك حول استمرارية الاتحاد الاوروبي.
من جهتها حذرت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الخميس من ان البريطانيين في حال خروج بلادهم من الاتحاد الاوروبي سيخسرون الامتيازات التي تمنحها هذه العضوية وسيعاملون على انهم "بلد ثالث" من خارج الكتلة في المفاوضات المستقبلية.
بدوره، حذر بنك انكلترا مجددا الخميس من ان الاستفتاء يشكل "اكبر خطر فوري" على الاسواق المالية البريطانية والعالمية. وأعلن في بيان ايضا ابقاء نسبة فائدته الرئيسية بدون تغيير على 0,50%.
وحذر البنك المركزي البريطاني من ان "التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي سيبدل بشكل كبير آفاق الانتاج والتضخم وكذلك الاطار" الذي تقررت من خلاله السياسة النقدية معتبرا ان النمو البريطاني قد يتراجع.
ولفت بنك انكلترا الى انه اذا صوت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد ستعمد العائلات الى تأجيل نفقاتها الاستهلاكية وكذلك الشركات استثماراتها، مما قد يؤدي الى تراجع الطلب على اليد العاملة وبالتالي ارتفاع البطالة.
وقال انه نظرا للتحركات الاخيرة في اسواق العملات الصعبة "يبدو مرجحا انه في حال خروج بريطانيا، فان معدل صرف الجنيه سيواصل التراجع، وربما بقوة" محذرا من ان الاثر السلبي لاحتمال الخروج من الاتحاد الاوروبي قد تمتد عواقبه الى الاقتصاد العالمي.
وفي مثل هذه الاجواء سيكون مسار النمو "اضعف بكثير" لكن التضخم "سيكون ايضا اكثر ارتفاعا". وهذا من شانه تعقيد مهمة البنك المركزي الذي يعتبر انه سيكون مرغما على الاختيار بين التحرك لتهدئة اسعار الاستهلاك من جهة او دعم الانتاجية والوظائف من جهة اخرى.
وأعلنت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية المتخصصة بشؤون المال الخميس بشكل واضح تأييدها البقاء في الاتحاد محذرة من ان الخروج من اوروبا سيلحق ضررا كبيرا بالاقتصاد.
وكتبت "نحن بريطانيا العظمى ولن نعود الى انكلترا الصغيرة. علينا المشاركة في صنع عالم اكثر ازدهارا وامنا. علينا التصويت من اجل البقاء".
وتخوفا من افق الخروج من الاتحاد الاوروبي، وجه مناصرو الابقاء على الوضع الحالي يتقدمهم رئيس الوزراء، الاربعاء تحذيرات جديدة من العواقب الاقتصادية للخروج من الاتحاد.
وأكد كاميرون انه "ستكون هناك ثغرة في ماليتنا اذا غادرنا الاتحاد الاوروبي (..) وهذا يعني ضرائب اثقل واقتطاعات في الميزانية والمزيد من الاقتراض".
وأعلن وزير المالية جورج اوزبورن ان الخروج يمكن ان يؤدي الى تطبيق "موازنة طوارىء" تقود الى زيادة الضرائب وخفض النفقات لتعويض ثغرة بقيمة 30 مليار جنيه استرليني (38 مليار يورو).
وحذر اوزبورن من ان المدارس والمستشفيات والجيش قد يخفض تمويلها قائلا ان "مغادرة الاتحاد الاوروبي ستطال الاستثمارات وستسيء الى العائلات والاقتصاد البريطاني".
واثأر التحذير على الفور غضب معسكر مؤيدي المغادرة ومناوشات داخل حزب المحافظين المنقسم بين المعسكرين.
واتهم 57 نائبا محافظا مؤيدا للمغادرة وزير المالية بتحضير ميزانية "تأديبية" في حال ادى الاستفتاء الى خروج بريطانيا، وحذر النواب انهم سيعارضون ذلك وان موقع اوزبورن في الحكومة سيتأثر اذا قرر البريطانيون الخروج من الاتحاد.
وأوضح النواب في بيان مشترك "اذا نفذ مقترحاته فان موقع وزير المالية يصبح في الميزان".