كشف فتح الله أرسلان، الناطق الرسمي لجماعة العدل والإحسان مناصفة مع ندية ياسين، عن موقفه الحقيقي تجاه الأحزاب السياسية المغربية، التي دافعت وتدافع عن حقه في الوجود، ووصفها بالبلادة السياسية، معتبرا إياها أحزابا يستغفلها النظام ويمرر عليها ما يشاء، وقال في إحدى تصريحاته الصحفية إن الحوار الذي دار أخيرا بين الأحزاب السياسية والنظام لم يأت بنتائج ترقى إلى مطالب حركة 20 فبراير. المتمعن في هذا التصريح يجد أن البليد "بصح" هو فتح الله أرسلان، لأنه لم يكن هناك أصلا حوار بين النظام وبين الأحزاب السياسية، لأن المؤسسة الملكية اكتفت باقتراح سبعة مرتكزات كعناصر أساسية للمراجعة الدستورية الشاملة، أما الحوار فقد تم في مؤسسة مستقلة هي آلية التتبع والتشاور حول مراجعة الدستور التي يترأسها محمد معتصم، المستشار الملكي، وهو يكتفي بالرئاسة وتدبير الاختلاف بين فرقاء المشهد السياسي ولم يتدخل باعتباره ممثلا للملك بدليل أن المسودة المعروضة الآن للنقاش الحزبي والعمومي تضمنت تعديلات فاقت بكثير المرتكزات السبعة الواردة في الخطاب الملكي ليوم التاسع من مارس الماضي.
ومما يدل على بلادة فتح الله أرسلان أنه تحدث للصحافة قبل أن يخرج الدستور للعلن ولو كان ذكيا لانتظر خروج المسودة وحللها بدقة وكشف ثغراتها كما يقول ولو كان ذكيا لاكتفى بموقفه الرافض للدولة والمؤسسات وابتعد عن النقاش الدستوري، فقد قال عقب الخطاب الملكي السالف الذكر إن ما جاء به هو مجرد وعود ولم يوضح ما إن كان سيغير موقفه إن أصبحت هذه الوعود حقيقة. لقد نسي فتح الله أرسلان، الذي يعيش اليوم صدمة الفضيحة التي جاءت بها بنت كبير القوم الذي علمهم سحر المراوغة، أن الأحزاب السياسية تفوقه ذكاء ونضالية مهما تكن الملاحظات حول سيرها وتسييرها، ولها من الحنكة والذكاء والجرأة على الرفض ما يفوق التنطع الياسيني، ونسي فتح الله أرسلان أن بعض الأحزاب خرجت بعد النقاشات التي عرفتها آلية التتبع لتعلن رفضها لبعض التعديلات وأعلنت أنها ستصوت ضد الدستور إذا لم تتم الاستجابة لبعض مطالبها.
ونسي فتح الله أرسلان أن الأحزاب السياسية التي صوتت بنعم على دستور سنة 1996 كانت واضحة ولم تكن راضية على مضامين الدستور وأعلنتها مجلجلة أن ضد التعديلات لكنها صوتت بنعم تصويتا سياسيا اعتبارا للظرفية التي كان يعيشها المغرب وهو العنصر الذي لا يعيره أرسلان وجماعته اعتبارا لأن البلد لا يهمه وكل همه أن يهدم على المعبد على من فيه.
بالنظر لما سبق فإن جماعة العدل والإحسان مستمرة في احتقار المغاربة وفي اعتبار الأحزاب السياسية إمعات ليس لهم موقف ولا هم يحزنون وإنما تابعون للمخزن يسيرهم كيفما شاء، ولما تواضع عبد السلام ياسين مع بعضهم سماهم الفضلاء الديمقراطيين الذين ليسوا سوى "كروصة" تساعد الجماعة في تأجيج الغضب الذي هو حطب القومة الإسلامية وبعد الوصول إلى المراد يتم التخلص من الجميع.
لقد وجه أرسلان رسالة واضحة لمن ما زال في قلبه شك أن الجماعة ليست ديمقراطية ولا تؤمن بها وإنما تؤمن بدولة المشيخة على النمط التاريخي.