شكلت ظروف الاستثمار في المجال الطاقي بالمغرب، محور مائدة مستديرة نظمت، اليوم الثلاثاء بالرباط، بمشاركة مسؤولين وخبراء مغاربة وألمان من أجل إطلاع الفاعلين الألمان على الفرص الجديدة التي تتيحها المملكة في مجال الطاقات المتجددة. وفي كلمة بالمناسبة، أكد وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، عبد القادر عمارة، أن المغرب يولي اهتماما خاصا بالتنمية المستدامة من خلال انتقال طاقي يجمع بين التنمية الاقتصادية للبلد ومكافحة التغيرات المناخية.
وذكر الوزير بأن هذا الانتقال يشهد اليوم منعطفا تاريخيا في ظل الدينامية القوية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة اجتماع رؤساء الدول في 30 نونبر، حيث أعلن جلالته عن إرادة المملكة المغربية في زيادة حصة الطاقات المتجددة من 42 في المائة من القدرة الإنتاجية في أفق 2020 إلى 52 في المائة عند متم 2030.
وأضاف أن هذه الأهداف، الأولى من نوعها في تاريخ المغرب، ستمكنه من التوفر على حصة كهرباء منتجة انطلاقا من الموارد المتجددة أعلى من تلك المنتجة من خلال الموارد الطاقية الأحفورية.
ولتحقيق هذا الهدف، تابع الوزير، بأن المغرب سيطور قدرة إضافية لإنتاج الكهرباء تزيد عن 10 جيغاواط من الموارد المتجددة بين 2016 و2030، منها 4.560 ميغاواط شمسية، و4.200 ميغاواط ريحية و1.330 ميغاواط من الطاقة المائية-الكهربائية، مشيرا إلى أن الاستثمار الإجمالي المتوقع لمشاريع الكهرباء المنتج من الموارد المتجددة سيكون بقيمة 32 مليار دولار أمريكي وهو ما يمثل فرصا استثمارية حقيقية بالنسبة للقطاع الخاص.
وأشار الوزير إلى أن تحقيق هذه القدرات سيمكن المغرب، مع تقدم هذا المسار، من تقليص التبعية الطاقية في مجال الوقود الأحفوري المستورد وبلوغ الهدف المتعلق بالحد من الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 32 بالمائة في أفق 2030، مضيفا أن برامج الطاقات المتجددة أثارت اهتماما متزايدا من لدن المستثمرين المغاربة والأجانب.
وأوضح عمارة أن المغرب ملتزم بتسريع وتيرة إجراءات النجاعة الطاقية عبر رؤية استراتيجية تستهدف قطاعات الاستهلاك الطاقي النهائي كالنقل والبناء والصناعة، فضلا عن القطاع الفلاحي والإنارة العمومية.
من جانبه، أعرب نائب المستشارة الألمانية ووزير الاقتصاد والطاقة بجمهورية ألمانيا الاتحادية، سيكمار غابرييل، عن استعداد بلاده لدعم المغرب في مسيرة الانتقال الطاقي، مذكرا في هذا السياق بأن البنك العمومي للاستثمار الألماني ساهم ب800 مليون أورو في تمويل مشاريع الطاقة بالمغرب ومسجلا انخراط 30 شركة ألمانية في المملكة.
من جهته، استعرض المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، علي الفاسي الفهري، الفرص الاستثمارية في مجال الطاقة الريحية والمائية-الكهربائية.
وفي هذا الإطار، أشار الفاسي الفهري إلى أن المملكة تتوفر على مؤهلات عدة، تشمل، الرؤية الاستراتيجية الواضحة، وخبرة مؤكدة لليد العاملة، ونمو السوق الطاقي، والاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، والموقع الجغرافي الاستراتيجي ونموذجا تنمويا لمشاريع إنتاجية يستجيب لمتطلبات السوق الاستثمارية.
ومن ناحية أخرى، أبرز مصطفى بكوري، مدير مجلس إدارة الوكالة المغربية للطاقة الشمسية، الفرص الاستثمارية في مجال الطاقة الشمسية، مشيرا إلى أن هناك إجماعا كبير ا على استراتيجية الطاقات المتجددة التي تعد واحدة من نقاط قوة الرؤية المغربية تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس.
وأضاف أنه عند تسطير أهداف 2020، كان من اللازم تصور آليات تنفيذ المشاريع الهيكلية على مستوى قطاع الطاقة الريحية والشمسية التي مكنت المغرب من بلوغ مستويات عالمية في كل مجال من هذه المجالات.
أما سيفريد روسورم، عضو المجلس الإداري للشركة الألمانية سيمينس، فرحب بإسناد المغرب لشركته مهمة إنجاز المشروع الذي يضم تشييد خمس محطات لإنتاج الطاقة الريحية (850 ميغاواط)، بميدلت (150 ميغاواط)، وتيسكرد (300 ميغاواط)، وطنجة (100 ميغاواط)، وجبل لحديد (200 ميغاواط) وبوجدور (100 ميغاواط)، مشيرا إلى أن المملكة، بفضل هذا المشروع، انتقلت إلى مستوى جديد في استراتيجيتها الطاقية.