جددت المعارضة الجزائرية دعوتها إلى إحداث تغيير ديمقراطي في البلاد بشكل سلس ومنظم، على حد تعبير رئيس الوزراء الأسبق علي بن فليس. وأجمعت هيئة التشاور والمتابعة للمعارضة الجزائرية على خطورة الوضع، الذي تمر به البلاد؛ وذلك في ندوتها الثانية، التي انعقدت في الجزائر العاصمة بمشاركة طيف سياسي واسع تجاوز ثلاثين شخصية معارضة.
ومن جانب آخر، يسم كثيرون المعارضة بالفشل والانقسام، ويوجهون إليها اتهامات لم تنكر المعارضة جزءا منها، وهو المتعلق بالإخفاق في حشد الدعم الشعبي لأنشطتها التي أقرتها خلال العامين الماضيين.
لذا، دعت المعارضة الجزائرية إلى اعتماد أساليب جديدة في التعاطي مع الوضع القائم، وفتح قنوات تواصل مع الجماهير لحشدها ضد الحكومة لدفعها إلى إجراء إصلاحات حقيقية.
ومن أجل مواجهة الانقسام الداخلي، وقعت المعارضة ميثاقا يفرض على جميع المنخرطين في صفوفها التقيد بمبادئه ويضبط العلاقة بينهم.
ويؤكد الميثاق ضرورة العمل على تقديم مشروع وطني جامع ومقنع للرأي العام من أجل إعادة بناء المؤسسات السيادية للدولة على أسس الشرعية الشعبية.
لكن محاولات احتواء الخلافات لم تفلح؛ فقد شهد المؤتمر الثاني للمعارضة غياب عدة شخصيات بارزة وُجهت إليها الدعوة لحضوره.
وتوقف الإعلام الجزائري عند غياب شخصيات مثل الرئيس السابق اليمين زروال ورئيسي الوزراء السابقين مولود حمروش وسيد أحمد غزالي وممثلي أحزاب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" و"جبهة القوى الاشتراكية والعمال".
بيد أن المعارضة الجزائرية، التي تراهن كثيرا على ما تصفه بالصراع المحتدم في أعلى هرم السلطة، اتهمت الحكومة بتعمد التشويش على أنشطتها.
فبالموازاة مع مؤتمر هيئة التشاور والمتابعة للمعارضة، نظمت أحزاب الموالاة مهرجانا في القاعة، التي كان يفترض أن تستضيف مؤتمر المعارضة؛ وذلك من أجل إبداء الدعم المطلق للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بحضور برلمانيين ووزراء وولاة ورؤساء مجالس بلدية وإداريين.
على أن الحراك الموالي لم يسلم بدوره من التصدعات بسبب تصاعد الخلاف بين رئيس حزب الجبهة الوطنية عمار سعداني ومدير ديوان الرئيس أحمد أويحيى، بعد وصف سعداني لأويحيى بأنه غير جدير بالثقة.
وتريد المعارضة الجزائرية الاستفادة مما يصفه رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري بالمستجدات، التي تعيشها الساحة السياسية الجزائرية، والتي تصب في مصلحة الحراك المعارض؛ حيث تزداد الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية على النظام، ما يدفعه لإحداث التغيير. تغيير يقول مقري إن المعارضة لا تريده أن يتم عبر المواجهة المباشرة بين الحكومة والمعارضة، كما حدث في دول "الربيع العربي".
غير أن طريقة إحداث التغيير المنشود هي أحد الأسباب الرئيسية لانقسام القطب المعارض؛ فبينما تريد بعض الأحزاب إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، تدعو أحزاب أخرى إلى اللجوء للحوار من أجل إقناع بوتفليقة بالتخلي عن الحكم، وبينهما تتعالى أصوات مطالبة بضرورة الالتفاف حول المؤسسة العسكرية بوصفها صمام أمان البلاد من المخاطر التي تتهددها.
مراقبون للشأن السياسي الجزائري يرون أن الرئيس بوتفليقة يحظى بدعم غير مسبوق في المرحلة الحالية، ويستدلون على قوة الرجل بنجاحه في تمرير قانون الميزانية لسنة 2016، وقانون تعديل الدستور عبر البرلمان بغالبية مريحة؛ ذلك على الرغم من توحد المعارضة للحيلولة دون تمرير القانونين.