الخط : إستمع للمقال وجدت الجزائر نفسها في ظرف أسبوع واحد، أمام موقفين دبلوماسيين متباينين، أحدهما من الولاياتالمتحدة والآخر من فرنسا، غير أن رد فعل وزارة الخارجية الجزائرية أثار انتباه المتتبعين، بسبب تفاوت اللهجة والموقف تجاه كل من البلدين. ففي أعقاب القرار الأمريكي الأخير القاضي بتجديد الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وتجديد دعم مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي وجاد للنزاع حول الصحراء المغربية، ودعوة ترامب أطراف هذا النزاع المفتعل إلى إنهائه في أقرب وقت، أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بلاغا مقتضبا باللغة العربية، تجنبت فيه التصعيد، مكتفية بعبارات دبلوماسية حذرة وبلغة خجولة تُظهر بوضوح خوف النظام من إغضاب واشنطن، رغم أن هذا القرار يُمثل صفعة جديدة لأطروحة الانفصال التي ترعاها الجزائر منذ عقود. واللافت أن الخارجية الجزائرية لم تجرؤ حتى على استدعاء السفير الأمريكي لدى الجزائر لإبلاغه احتجاجاً رسمياً، كما جرت العادة في الأعراف الدبلوماسية وكما تقوم به مع دول أخرى كإسبانيا وفرنسا ومالي...، وهو ما أثار تساؤلات حول ازدواجية المعايير في التعامل مع القوى الدولية. وفي المقابل، وبعد إعلان السلطات الفرنسية عن توقيف ثلاثة أشخاص، بينهم موظف في القنصلية الجزائرية بباريس، بتهم تتعلق بمحاولة اختطاف المعارض الجزائري أمير بوخُرس، المعروف باسم "أمير ديزاد"، تحوّلت الخارجية الجزائرية إلى نمر ورقي يزأر، وأصدرت بلاغاً نارياً باللغة الفرنسية لغة الدولة الموجهة لها تصف فيه القرار القضائي بأنه "عدوان غير مقبول"، وتتحدث عن "خروقات خطيرة للحصانة الدبلوماسية"، في خطاب دفاعي متشنج يعبّر عن حالة ذعر أكثر مما يعكس ثقة الدولة بنفسها. وحسب ما جاء في البلاغ، فإن الأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية استدعى السفير الفرنسي بالجزائر، وأبلغه احتجاج الجزائر الرسمي على توقيف موظفها، معتبرا أن الأمر يندرج في "محاولة لتقويض العلاقات الثنائية" بين البلدين. وتجدر الإشارة إلى أن القضاء الفرنسي وجّه للموظف الموقوف تهما تتعلق ب"المشاركة في مشروع اختطاف واحتجاز قسري ضمن إطار إرهابي"، في قضية شغلت الرأي العام الفرنسي والجزائري على حد سواء، لما تكتسيه من طابع إجرامي من مؤسسة يفترض فيها أنها تابعة للدولة. وكان المعارض الجزائري أمير ديزاد قد أكد في تصريحات سابقة أنه يتعرض منذ سنوات لحملات تهديد ومضايقات من طرف عناصر يُشتبه في ارتباطها بالمخابرات الجزائرية، مشيراً إلى تعرضه لمحاولة اعتداء خطير في أبريل 2024. الوسوم الجزائر الخارجية الجزائرية المغرب الولاياتالمتحدةالأمريكية فرنسا