أبرزت مجلة "ناشيونال إنتريست" الأمريكية، اليوم الثلاثاء، الانعكاسات الجيوستراتيجية الكبرى للزيارة الرسمية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس للفيدرالية الروسية، بالنسبة للمجموعة الدولية، لاسيما على مستوى الجهود الضرورية الرامية إلى الحفاظ على السلم، ودعم عمليات الانتقال الديمقراطي، وتعزيز الوئام الدولي، وهي عوامل رئيسية لتعزيز الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة بين الدولتين، سواء على الصعيد الثنائي أو المتعدد الأطراف. وأكدت المجلة الأمريكية، في مقال تحليلي من توقيع أحمد الشرعي، الناشر وعضو مجلس إدارة العديد من مجموعات التفكير الأمريكية، أن الزيارة الملكية لموسكو "تندرج في هذه الاستمرارية المطلوبة، التي ترتكز عليها العلاقات الدولية للمغرب القائمة على التوازن الصحيح"، مذكرا بالمكانة المتميزة التي يحتلها المغرب في مصاف الأمم، كشريك مسؤول ومحترم وبصوت مسموع.
وسجلت أن "لقاء القمة بين جلالة الملك والرئيس فلاديمير بوتين يندرج أيضا في إطار العلاقات الثنائية المتميزة على مر التاريخ، حيث حافظت الدولتان على علاقاتهما حتى في عز الحرب الباردة، لا سيما من خلال توافقات سياسية داخل الأممالمتحدة، وهي المقاربة التي كان من ثمارها التقليل من حدة الهوة الايديولوجية التي تفصل بين المعسكر الشرقي والعالم الغربي، وخاصة بشمال إفريقيا".
وبفضل هذه العلاقة المتميزة، اعتبرت المجلة أن اللقاء بين زعيمي البلدين قد يكون مفيدا بالنسبة للأمن الأمريكي والدولي، مشيرة في هذا الصدد إلى ثلاثة مجالات على الخصوص، التي يمكن للرباط وموسكو أن تطورا ضمنها رؤية واستراتيجية مشتركة، تتجاوز منافعها إطار العلاقات الثنائية، ويتعلق الأمر بالأزمة الليبية، ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، وكذا التنمية الاقتصادية بشمال إفريقيا واستقرار المنطقة.
وتطرق المقال في المقام الأول إلى مستقبل ليبيا، "البلاد التي تمزقها الحرب الأهلية، وهو وضع يتفاقم بسبب تنظيم الدولة الإسلامية، وبسبب القرب من الضفة الجنوبية لأوروبا"، مسجلا أن المجموعة الدولية يمكنها الاستفادة من المعرفة والخبرة الروسية للمساهمة في التوصل إلى حل للأزمة الليبية".
وذكر في هذا السياق بأن "المغرب، الذي احتضن العديد من جولات المحادثات السياسية بين الأطراف الليبية تحت رعاية بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا، منخرط بقوة من أجل مستقبل ليبيا كوسيط ذي مصداقية، في إطار جهود المجموعة الدولية الرامية إلى مساعدة وإعادة تأهيل هذا البلد الواقع شمال إفريقيا".
وأضافت المجلة الأمريكية أن المجال الثاني للتعاون بين المغرب وروسيا، والذي يظل ذا أهمية كبرى، يتمثل في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، مذكرة بأن صاحب الجلالة الملك محمد السادس أطلق برنامجا لتكوين الائمة بالعديد من البلدان الإفريقية، من بينهم ما لا يقل عن 500 إمام من مالي، وذلك على المبادئ والقيم الأصيلة للإسلام والوسطية.
وأبرزت، في هذا الصدد، المكانة الروحية والإشعاع السياسي لجلالة الملك أمير المؤمنين، بالقارة الإفريقية وخارجها.
واعتبر المقال أن المغرب بإمكانه، في المرتبة الثالثة، تشجيع روسيا على الاضطلاع بدور هام في تحقيق التنمية الاقتصادية بشمال إفريقيا، لاسيما من خلال المشاركة في المسلسل التنموي الاقتصادي للأقاليم الجنوبية، التي تتجه لتصبح قاعدة مركزية حقيقية للتجارة الدولية وبوابة مفضلة للولوج إلى القارة الإفريقية.
وتابع أن "روسيا قادرة أيضا على الاضطلاع بدور رئيسي في الجهود الرامية إلى الاستفادة من الفرص الاقتصادية بشمال إفريقيا، وبالتالي النهوض بسوق الشغل، وخاصة بالنسبة للشباب".
وخلصت (ناشيونال إنتريست) إلى أن "المغرب، باعتباره شريكا مفضلا بالنسبة للبلدان العربية والولايات المتحدة، يضطلع بدور حاسم في تقريب وجهات النظر بين هذين العالمين، كما يمكنه القيام بنفس الدور مع فيدرالية روسيا، وهو خيار يظل على الأقل موضع ترحيب في الظرفية الجيوستراتيجية العالمية الحالية".