خصص توفيق بوعشرين، صاحب اخبار اليوم، افتتاحية جريدته اليوم الثلاثاء للدفاع عن "البيجيدي" او البيلدوزير الاسلامي كما سماه، في مواجهة حزب "البام" الذي انهى مؤتمره الثالث قبل يومين بانتخاب إلياس العماري أميتا عاما جديدا لحزب "الجرار".. لا يهم مضمون الافتتاحية وموقف بوعشرين من هذا الحزب او ذاك، وانتصاره للبيجيدي ومحاباته للزعيم بنكيران (حدّ لعب دور آكل الثوم بفمه أحايين كثيرة)، لأن ذلك يدخل في باب القناعات الشخصية، ولو ان الصحفي المهني مطالب خلال ممارسة مهنته بالتزام الحياد والموضوعية والحذر من السقوط في الدعاية والماركوتينغ الحزبي (طبعا، مع الحرية في إبداء الرأي والموقف بشكل لا يفسد للمهنة هيبتها وسمعتها)..
ما يهم في الافتتاحية هو عنوانها وعلاقته بالمضمون، (أو لنقل لا علاقته بالمضمون)، حيث جاء العنوان على الشكل التالي :"ماذا بعد وصول ابن مربية الدجاج إلى قيادة البام؟"، إلا أن العنوان لا علاقة له بما جاء في الافتتاحية اللهم استعماله في الفقرة الأخيرة للكناية عن "الياس العماري"، وهو ما يكشف ان استعارة هذه الكناية جاء لغرض قدحي ومحاولة للضرب في شخص المنعوت، وهي ممارسة لا تختلف عن النظرة المبتذلة التي يحملها المغاربة عن بعضهم البعض، وتندرج في إطار التمثلات الشعبية لدى الحس العام أو المشترك الذي يغيّب العقل في غالب احكامه، وهي ليست جديرة بالمثقفين والصحافة على وجه الخصوص، التي يجب ان تترفع عن هذه الممارسات وتنحو نحو تنوير الرأي العام باستعمال السجال والحجاج والعقل بذل مسايرة بنكيران في قفشاته من قبيل وصف أهل سوس ب"التزقريم" كما تفعل الغوغاء من الناس..
هذه الملاحظات ليست دفاعا عن "الياس" او "البام" أو تحاملا على توفيق بوعشرين، بل هي دفاع عن مهنة الصحافة ودور المثقف في المجتمع وضرورة النأي عن "ثقافة" التفريق بين المواطنين بسبب وضعهم الاجتماعي أو الجنس أو الدين أو الانتماء العرقي أو الرأي السياسي..