قال رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي، إن مبادرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بتكليف المجلس والحكومة، ممثلة في وزارتي العدل والحريات والأوقاف والشؤون الإسلامية بإجراء استشارات موسعة بشأن إشكالية الإجهاض بالمغرب، مكنت من خلق نقاش عمومي واسع، جدي وتعددي. وأوضح اليزمي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، استعرض فيه حصيلة إنجازات المجلس برسم السنة الحالية، أنه في المغرب، كما في سائر بلدان العالم، فإن الإشكالية التي يطرحها موضوع الإجهاض حساسة للغاية، كما أن الآراء بشأنه تبدو متضاربة ومتباينة، معتبرا أن هذه المبادرة الملكية تمثل "تجسيدا رائعا للديمقراطية التشاركية، التي تبدو ملحة كلما تعلق الأمر بمواضيع حساسة تخلق جدلا بالمجتمع، أو بأوراش استراتيجية".
وأبرز اليزمي، أن المبادرة الملكية بإطلاق نقاش وطني حول الإجهاض، " إنجاز يكتسي رمزية ودلالة عالية" ، موضحا أن المجلس انخرط في هذا الإطار، في عمل توثيقي موسع، وفي الإنصات إلى 66 جمعية وشبكة تمثل كافة أطياف المجتمع المغربي وتلقى 72 مذكرة كتابية وأكثر من 20 عرضا.
وبرأي اليزمي ، فإن هناك ثمة إنجاز مهم تحقق سنة 2015 ، ويستحق الأخذ بعين الاعتبار، وهو ذاك التفاعل الذي حصل بين البرلمان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وذكر في هذا السياق، بأنه في 22 يوليوز من السنة الحالية تمت أمام مجلس المستشارين مناقشة التقرير الأول الذي عرضه المجلس على الغرفتين مجتمعتين ، تطبيقا للفصل 160 من الدستور.
وأضاف أن هذه الدورة تميزت بتدخل ثمانية فرق برلمانية وجرت بحضور ثمانية وزراء تدخلوا هم بدورهم ، مشيرا إلى أن التقرير الكامل لهذه الدورة تم نشره من قبل المجلس.
كما عرفت هذه السنة تجليا آخر لهذا التفاعل، يضيف المتحدث، إذ طلبت إحدى الغرف البرلمانية رأي المجلس بخصوص مشاريع قوانين تهم الإعاقة ومحاربة الإرهاب وهيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز، والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة والملتمسات والمقترحات التشريعية .
واعتبر اليزمي أن شراكة من هذا القبيل بين مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان (هناك أكثر من 110 مؤسسة في العالم) والبرلمان ، يقل نظيرها على المستوى الدولي.
ومن جهة أخرى، أشار رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى مشاركة المجلس في العملية الانتخابية التي عرفها المغرب سنة 2015 والتي همت جوانب مختلفة.
وفي هذا الصدد، ذكر اليزمي بأن المجلس أصدر خلال مناقشة البرلمان للقوانين الانتخابية والقوانين المنظمة للجماعات، المحلية، مذكرة بعنوان "45 توصية من أجل انتخابات أكثر إدماجا".
وتلا هذا التقرير، يستطرد اليزمي، إحداث اللجنة الخاصة لاعتماد ملاحظي الانتخابات، التي يترأسها المجلس ، إذ تم اعتماد 4024 ملاحظا يمثلون 34 جمعية وطنية ، و6 هيئات دولية ، وتنظيم 6 دورات تكوينية لفائدة 1200 متدرب ، مشيرا إلى أن المجلس ، من جهته عبأ 474 ملاحظا وأصدر تقريره الأولي يوم 6 شتنبر 2015. وأوضح رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن كافة المنظمات التي تتبعت باهتمام هذه الاستحقاقات الوطنية أجمعت على أن الاقتراع تم في جو توفرت فيه كافة الضمانات الأساسية للحرية والجدية والشفافية ، وأن الاختلالات التي تم تسجيلها كانت محدودة ولم تؤثر على جوهر عملية الاقتراع.
غير أن هذا الملاحظة ، يستدرك المسؤول الحقوقي ، لا تعني أن الإطار القانوني المنظم للانتخابات بالمغرب غير قابل للتحسين ، ولهذا السبب ، يضيف، " نعتزم في شهر يناير القادم تنظيم ندوة وطنية حول إصلاح القانون الانتخابي ، استعدادا للانتخابات التشريعية القادمة ".
وبخصوص تفاعل المملكة مع الهيئات الأممية لحقوق الإنسان، ذكر رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالزيارة، الثانية من نوعها لفريق تقني عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان للأقاليم الجنوبية للمملكة، شهر أبريل 2015 بدعوة من المملكة ومن المجلس.
وقال إن هذا الوفد تمكن من تنظيم لقاءات مع ممثلي المجتمع المدني ، ومن عقد اتصال مباشر بلجن جهوية مشهود لها بالمهنية والمصداقية والاستقلالية على المستوى الوطني كما الدولي.
أما في ما يتعلق بموضوع الجالية المغربية المقيمة بالخارج ، فأوضح السيد اليزمي أن المجلس "يتعامل مع المسألة في إطار الاحترام الدقيق لصلاحياته دون إغفال أن مؤسسات عديدة أخرى تتولى هذه الإشكالية الاستراتيجية" .
وفي هذا الإطار، يقول اليزمي، واصل المجلس الوطني لحقوق الإنسان طيلة هذه السنة ، التفكير في معايير المشاركة الانتخابية لمغاربة الخارج انطلاقا من بلدان الإقامة ، وذلك تماشيا مع مقتضيات الفصل ال17 للدستور ، مشيرا إلى أن المجلس سيقترح توصيات في هذا الشأن في تقريره النهائي حول ملاحظة الانتخابات.
ومن جهة أخرى أشرف المجلس على دراسة حول المغاربة المقيمين في أوروبا الذين كانوا ضحية لحالات التمييز، موضحا أن هذا التقرير كان من المقرر مناقشته خلال الاجتماع الأخير للجنة الفرعية في شهر أكتوبر الماضي ، لكنه وبطلب من الاتحاد الأوروبي سيتم تداوله خلال اجتماع اللجنة الفرعية للهجرة والشؤون لاجتماعية ، التي ستجتمع خلال الفصل الأول من سنة2016 .
وحسب اليزمي، فإن سنة 2015 كانت سنة غنية كما تشهد على ذلك العشرات من الإصدارات التي تعكس دينامية المجلس وتعامله بكل عدالة مع قضايا الاعاقة والانتخابات والمساواة والمناصفة والحرات العامة.
كما أصدر المجلس دليلين حول التربية على حقوق الإنسان، الأول موجه إلى أندية حقوق الإنسان والمواطنة والمؤسسات التعليمة، والآخر موجه للشباب، بشراكة مع اليونيسكو، فضلا عن إنجاز تحقيق وطني حول قيم حقوق الإنسان في المجتمع المغربي سيتم نشر نتائجه مطلع سنة 2016 ، وكذا إنهاء استعدادات إطلاق المعهد الوطني للتكوين حول حقوق الإنسان .