لا سحب حبلى في الأفق..ولا أمطار في المُقبل من الايام.. توقعات الطقس تكاد تتشابه في الآونة الاخيرة: "سحب منخفضة مصحوبة أحيانا بكتل ضبابية محلية خلال الليل والصباح بالقرب من سواحل البحر الأبيض المتوسط والغرب .. تكون صقيع (الجريحة) خلال الليل والصباح فوق مرتفعات الأطلس الكبير، في حين سيكون الطقس مستقرا وجد مشمس بباقي أرجاء المملكة. .." لا أمل للفلاحين في هطول الامطار، بعد "تجندهم وعملهم على مباشرة عملية الزرع في وقت مبكر"، عملا بنصيحة عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري، التي أسداها لهم خلال إعطائه انطلاقة الموسم الفلاحي الجديد 2015 - 2016 على المستوى الوطني، بالقنيطرة، قبل ثلاثة اشهر بالتمام والكمال (يوم الاثنين 19 اكتوبر 2015).
استمرار احتباس الامطار ينبئ بسنة عجفاء ملؤها القحط والجفاف وقلة المياه، وهو ما قد يزيد من "تزقرم" حكومة بنكيران ويدفعها إلى الرفع "أكثر" من سن الإحالة على التقاعد ابتداء من فاتح يناير المقبل، بدل فاتح يناير2017 كما جاء في خطاب بنكيران أمام نواب الامة امس الثلاثاء..
رحل المارشال ليوطي، أول مقيم عام بالمغرب على عهد الحماية، ورحل بعده الاستعمار الفرنسي إلا أن مقولته بقيت خالدة تذكرنا دائما بوجود علاقة بين الحُكْم (الجيد ) بالمغرب وسقوط المطر..
هذه المقولة ليست خافية على بنكيران، الذي يذكرنا اينما حل وارتحل بأن "الله سبحانه وتعالى يدعم الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية منذ تعيينها". وقد ذهب حد الاستشهاد بمقولة ليوطي مؤكدا أن الأمطار تعتبر عنصرا أساسيا في الحكم بالمغرب، وذلك خلال مداخلة له يوم 3 ماي 2015 في منتدى الجزيرة التاسع بالعاصمة القطرية الدوحة..
وإذا كاتن اقتصاد المغرب مرهون بقطاع الفلاحة، حيث يشكل حوالي 15 في المائة من الناتج الداخلي الخام، فإن انحباس المطر أضحى يقض مضجع الفلاحين الصغار منهم والكبار، وبات يهدد الاستراتيجية الاقتصادية للحكومة ..
ولتوضيح أثر احتباس الامطار نورد بعض الارقام التي جاءت ضمن مذكرة يومية حول وضعية السدود، نشرتها الوزارة المنتدبة المكلفة بالماء يوم 17 دجنبر الجاري، حيث افادت أن حقينة السدود الرئيسية بالمملكة، بجميع استعمالاتها، بلغت 9,88 مليار متر مكعب بتاريخ 17 دجنبر الجاري، مسجلة بذلك معدل ملء بلغ 63,5 في المائة، وهو ما يقل عن نسبة الملء المسجلة خلال نفس الفترة من العام الماضي، والتي بلغت 11 مليار و15 مليون متر مكعب، بنسبة 71,7 في المائة.
وكشفت معطيات وزارة الفلاحة والصيد البحري أن تأخر التساقطات المطرية خلال شهر نونبر، أنتج، لحدود الساعة، خصاصا في التساقطات يقدر بنسبة تقارب النصف مقارنة مع موسم عادي، وهو ما يمثل خصاصا يساوي 60 مليمترا.
وقد استنفر تأخر التساقطات المطرية في المغرب، وزارة الفلاحة والصيد والبحري، التي هبَّت لتشكيل لجنة بالوزارة لتتبع وتقييم الموسم الفلاحي، أوكلت رئاستها للوزير عزيز أخنوش.
وعقدت اللجنة لقاء خصص لتقييم الوضعية العامة للموسم الفلاحي 2015-2016، عرف مشاركة المسؤولين المركزيين للوزارة، ومدراء المكاتب والمؤسسات التابعة لها، والمدراء الجهويين للفلاحة، بالإضافة إلى الأبناك ومؤسسات التأمين المعنية.
وتم خلال اللقاء تحديد مختلف السيناريوهات الملائمة للحاجيات المحتملة، حسب تطور وضعية التساقطات خلال الأسابيع القادمة، حول آفاق تقدم سير الموسم الفلاحي، حيث كشف الوزير، عزيز أخنوش، وجود تدابير عدة قيد الدراسة، تهم أساسا دعم الفلاحين، دون أن يتم استبعاد “أن تتحول إلى برنامج تدخل سيتم تقديمه للحكومة”.
وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فإن حكومة بنكيران قد تلجأ إلى إقامة طقوس "تاغنجا"* وتدعو الاطفال لترديد انشودة "آشتا تاتا تاتا/أوليدات الحراثه"، بعد ان منع "المرتفع الآصوري" الكافر الرياح المحملة بالسحب الممطرة، معاكسا بذلك آمال المغاربة الذين خرجوا لاقامة صلاة الاستسقاء تضرعا لله وتوسلا إليه لكي يغيث البلاد والعباد وان يسقي الارض والحرث ويروي البهيمة..
*"تاغُنجا" أو "تّلْغنجا"، وهي الأصح (من تّل=لُفّ وأغُنجا= المِغْرَفَةُ وتعني لفظيا "لفّ المغرفة")، هي طقس احتفالي قديم بشمال افريقيا تقوم خلاله الفتيات بلف مغرفة كبيرة بثياب على هيأة عروس ثم يطُفن بها في القرية أو الدوار طلبا للمطر وتيمنا أن تكون السنة الجديدة ممطرة أكثر ويكون المحصول أوفر..وهو طقس حافظ عليه سكان شمال افريقيا بعد اعتناقهم للاسلام وسن صلاة الاستسقاء كسنة مؤكدة..