لم تأت السيدة زليخة نصري إلى منصب مستشارة جلالة الملك من فراغ، فهي تحمل معها قسطا وافرا من التجربة التي اكتسبتها سواء في مجال العمل الجمعوي حيث اسندت لها مهمة امينة مال جمعية انجاد، بحكم انتمائها للمنطقة الشرقية، أو خلال تجربتها بوزارة المالية كمسؤولة عن مديرية التأمينات بعد حصولها على دكتوراه من فرنسا في قانون التأمين بالمغرب، قبل ان تنتقل كاتبة الدولة بوزارة الشؤون الاجتماعية المكلفة بالتعاون الوطني، على عهد الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه.. تخصص السيدة زليخة نصري في القانون وتجربتها في مجال العمل الجمعوي وتفانيها في عملها وإخلاصها في كل المهام التي اسندت إليها خلال مسارها المهني الغني جعلها تحظى برعاية جلالة الملك محمد السادس الذي رأى فيها الشخص المناسب لتولي منصب مستشارة لجلالته في 29 مارس2000.، بعد ان كانت مكلفة بمهمة بالديوان الملكي في أبريل 1998..
ولدت زليخة الناصري بمدينة وجدة وتابعت دراستها الابتدائية بمدرسة الفندق التي كانت تابعة لمدرسة مولاي عبد الله وأنهت بها سنوات التمدرس الابتدائي، ثم التحقت بثانوية عبد المؤمن، وبعد حصولها على شهادة الباكالوريا من مدينة مكناس التحقت بالمدرسة الإدارية بالرباط لتلتحق بوزارة المالية كموظفة بمديرية التأمينات، وتتابعت دراستها العليا بفرنسا حيث حصلت على الدكتوراه في قانون التأمين بالمغرب، ولازالت رسالتها تعتبر من المصادر القانونية الأولى في هذا المجال، كما أن إدارتها لمديرية التأمينات بوزارة المالية، والجدية التي دبرت بها ملفات شركات التأمين، قد جعل من إسم السيدة زليخة الناصري أشهر من نار على علم لدى كبار رجال المال والأعمال، خاصة مع ظهور القانون الجديد للتأمينات التي كانت وراءه بنسبة كبيرة..
وقد نسجت السيدة زليخة نصري من العلاقات مع العديد من الشخصيات التقدمية والشيوعية حتى ظن الكثير أنها مناضلة بحزب التقدم والاشتراكية، كما أنها استطاعت أن تنفتح على اليبرالين بحزب التجمع الوطني للأحرار حتى اختيرت أمينة مال جمعية أنكاد المغرب الشرقي.
قد يكون الانفتاح على فعاليات المجتمع المدني هو ما ملأ قدر السيدة زليخة ربما إعدادا لها لتحمل المسؤولية بمؤسسة محمد الخامس للتضامن، كما أن الصبغة التقدمية التي استطاعت أن تكتسبها ليس عن طريق الانخراط في حزب تقدمي ولكن في سيرتها الدراسية والمهنية التي ظلت تصاحب فيها أكثر الحساسيات السياسية يسارية قبل أن تصبح بواحد من مراكز القرار الحساسة في الدولة، قد مهد لها الطريق لتشهد مسيرة أكبر الملفات الاجتماعية المرتبطة بمدونة الأسرة وما سبقها من محطات متميزة.
بوفاة السيدة زليخة نصري، التي فارقت الحياة عن سن يناهز 70 سنة، يكون المغرب قد فقد واحدة من أكثر النساء حرصا على خدمة بلادها بكل تفان وإخلاص..