القليل اليوم من يتذكر قصة تلك السيدة الشجاعة التي صممت ذات يوم بارد من شهر نوفمبر سنة 1975 أن تكون واحدة من المتطوعات الى المسيرة الخضراء، ملبية بذلك نداء الوطن لإحياء صلة الرحم مع إخواننا في الصحراء. هذه السيدة لم تكن في وضع صحي يسمح لها بالسفر فبالأحرى المغامرة بحياتها وجنينها الى ثغور الصحراء المغربية، لسبب بسيط هو أنها كانت حاملا في شهرها التاسع.
ترجلت السيدة فاطمة مع زوجها العربي، الذي ألحّ عليها لمرافقته الى الصحراء تلبية لنداء جلالة المغفور له لحسن الثاني ، فكان له ما أراد بالنظر إلى تعلق الزوجة الشابة المتحمسة بوحدة الوطن وحبها لملكها الذي نادى أن يهب لتحرير جزء من الأراضي التي لا تزال آنذاك مغتصبة من طرف المستعمر الاسباني..
القصة ولو ان الكثير ممن ينتمون إلى جيل اليوم لا يهتمون بها كثيرا، فهي كانت قبل أربعين عاما حديث العام والخاص، كيف لا وقد كان لمولودة هذه الأسرة الشابة المتطوعة قصة طريفة مع المرحوم الملك الحسن الثاني مهندس المسيرة الخضراء..
السيدة فاطمة وضعت يوم انطلاق المسيرة، وكان لخبر الولادة صدى وطنيا وصل بسرعة الى آذان جلالة المغفور له الحسن الثاني، وعمت الفرحة أرجاء الوطن عندما أطلق جلالته على المولودة اسم "مسيرة" تيمنا بالحدث العظيم آنذاك.
عاشت مسيرة أيامها الأولى في الصحراء بين عائلتها الكبيرة المنتمية الى ربوع المغرب بكامله، فكانت التهاني تأتيها من كل حدب وصوب، وعند رجوع المتطوعين إلى ديارهم سالمين بعد أدائهم بنجاح لمهمتهم في استرجاع الاقاليم الجنوبية المغتصبة، أضحت "مسيرة" مفخرة لوالديها وهدية من الله لهما ولكافة الشعب المغربي الذي ظل يكن لها الاحترام إلى ان كبرت واصبحت زوجة وأما لطفلين (ولد وبنت)..
أنها مسيرة اليزيدي التي ازدادت يوم 06 نونبر 1975مباشرة بعد انطلاق المسيرة الخضراء من مراكش، من أمها فاطمة وأبيها العربي الذي وافته المنية سنة 2012..
مسيرة جاءت لتنوب عن والدها المرحوم العربي، الذي دأب على الاحتفال بذكرى المسيرة الخضراء كل سنة قبل أن تخطفه يد المنون في أحد أيام سنة 2012 .
مسيرة، تشتغل في مجال التعليم بالدار البيضاء، احتفلت يوم الجمعة الماضي بذكرى ميلادها الاربعين وذلك في جو بهيج شاركها فيه مغاربة العالم الذين دأبوا على تنظيم هذا الحفل منذ سنين..