متطوعون يتذكرون ويحكون عن مشاركتهم في المسيرة الخضراء خصايري الشرقي: الفقيه بن صالح المسيرة حدث تاريخي بامتياز شاركت في المسيرة الخضراء، وعمري آنذاك لا يتجاوز 19سنة، وكنت حديث العهد بالزواج. ورغم ذلك، قررت المشاركة تلبية لنداء المغفورله جلالة الملك الحسن الثاني وحبا في الدفاع عن الوطن، وكنت مستعدا للموت من أجل الوطن. وفي اعتقادي، فالمسيرة الخضراء تعد حدثا تاريخيا بامتياز لن أنساه طيلة حياتي، نفس الشيء سواء بالنسبة للمشاركين أو لعموم الشعب المغربي، فهي رمز لتلاحم الملك والشعب ومعيار آنذاك للرجولة والقوة والشهامة. ورغم مرور عقود من الزمن على تنظيم المسيرة الخضراء، فما أزال أعيش على ذكرياتها، التي أتقاسمها مع عائلاتي، ومع مجموعة من المشاركين في المسيرة، حيث غالبا مانحكي عنها بافتخار، إذ نعتبر أنفسنا أبطالا في ذلك الوقت. واليوم وبقدر ما نحِنُّ إلى ذلك العهد، بالقدر ذاته نتألم عن واقعنا الحالي المتسم بالتهميش، فكيف يعقل ألا تتم دعوتنا على الأقل للاحتفاء بهذه المناسبة الغالية على قلوبنا. للإشارة فقط، فأنا مزداد بتاريخ 1975 بالمحمدية، وكنت أقطن آنذاك بأولاد أيلول، بالفقيه بن صالح، وعمري الآن 58 سنة، وأزاول الفلاحة، ولدي خمسة أولاد. الشايب محمد: الفقيه بن صالح حدث المسيرة سيظل عالقا بذاكرتي شاركت في المسيرة وعمري 24 سنة، وكنت آنذاك عاطلا عن العمل ومتزوجا ولي ابن وحيد، وأقطن بأولاد بوعزة بالفقيه بن صالح. وما زلت أتذكر تفاصيل ذلك اليوم التاريخي الذي أعلن فيه المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني عن انطلاق المسيرة يوم 6 نونبر 1975. اليوم، وبعد مرور حوالي أربعين سنة على هذا الحدث التاريخي، الذي تتبعه آنذاك ملايين المواطنين عبر العالم، أكتشف يوما عن يوما، مدى عبقرية المغفور له الحسن الثاني، الذي خطط للمسيرة، دون إراقة ولو قطرة دم، وأن سلاح المشاركين، لمواجهة كل الاحتمالات آنذاك، لم يكن سوى كتاب الله والعلم الوطني. إن استجابتي للمشاركة في المسيرة، هو تعبير عن مدى حبي لوطني ومساهمتي ولو بشكل رمزي في استرجاع مااغتصبه المحتل.. كنت أظن أني لن أعود ثانية إلى مدينتي، لأن الخوف من المستقبل الشك كان ينتابنا من أن العدو لن يقبل بخطواتنا وبالمقابل كنا نحن على أتم الاستعداد للتضحية بأرواحنا من أجل تحرير الصحراء ورفع راية المغرب فوق أرضها، ويكفي أن نشير أننا رغم سننا وزواجنا المبكر لم نفكرإطلاقا في فلذات أكبادنا بالرغم من أن المشاركة كانت طواعية وبإمكاننا التأخر بمبررات أخرى. العلوي احمد بن محمد: الفقيه بن صالح مشاركتي في المسيرة شكلت منعطفا في حياتي الحديث عن المسيرة الخضراء هو حديث عن منعطف في حياتي، فقد شاركت فيها وأنا شاب في مقتبل العمر، عمري آنذاك 21 سنة، وكنت متزوجا ولي ابن واحد. وما زلت أتذكر، الخطاب الملكي، الذي أعلن فيه المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، عن تنظيم المسيرة، حيث قررت في تلك اللحظة المشاركة فيها، كنت جد متحمسا، كان الموت بالنسبة لي شرفا في سبيل تحريرالصحراء. إن حدث المسيرة الخضراء، شكل منعطفا هاما في حياتي وحياة باقي المشاركين، حيث كان بداية تاريخ جيل كنا فرسانه، وأرخ لمرحلة حاسمة في تاريخ المغرب، عنوانها تحرير الصحراء من المستعمرالغاشم وكتابة تاريخ جديد ينهض على مبدأ التلاحم بين الشعب والملك. وهو بالإضافة إلى ذلك، ظل تاريخا مفتوحا نستلهم منه العبر، ونذكّر به الأجيال والأمم، وهو أكيد رمز للتلاحم بين المغاربة قاطبة، ورسالة غير مشفرة للشعوب مفادها بأن الإنسان المغربي قادرعلى التضحية بكل ما يملك من أجل وطنه. وإن ما يحز في النفس حقا، هوالتهميش لكافة المشاركين في المسيرة وعدم إيلاء الاهتمام لأوضاعهم، فالكثير منهم، ضمنهم أنا، فقدت عملي بمعمل صناعي فقط لأني تغيبت حينذاك عن العمل، ومنذ ذلك الحين وأنا أعاني من العطالة وبالرغم من ذلك لم يتم السؤال عن ظروف معيشتنا، بالإضافة إلى عدم قيام المسؤولين المحليين، بأي مبادرة اتجاه بعض المشاركين الذين تجاوز سنهم اليوم 70 سنة، ولم بتكريمهم. محمد مهدوير: عين حرودة/ المحمدية حماس يغمرني في الوصول للصحراء سارعت لتسجيل نفسي دون تردد، ضمن قائمة الراغبين في المشاركة في المسيرة الخضراء آنذاك، استجابة لنداء المغفور له الملك الحسن الثاني. ورغم صغر سني آنذاك، -19 سنة-، كنت متحمسا للمشاركة، رفقة مجموعة من أصدقائي آنذاك. وكانت الانطلاقة من مقر عين السبع الذي يحتضن اليوم، مقر عمالة عين السبع الحي المحمدي، بالتنقل على متن عشرات من الشاحنات، في أجواء حماسية نردد فيها النشيد الوطني وملحمة نشيد الصحراء. وأحتفظ بذكريات جميل، كن فيها التضامن والحب والتآلف فاسما مشتركا بين المشاركين. وعند رجوعي، قمت بتأسيس"ودادية الفتح للمسيرة الخضراء عين حرودة الشلالات"، وهي إطار جمعوي تضم جميع المتطوعين في المسيرة الخضراء، حيث نقوم بعدة أنشطة لها علاقة بهذا الحدث التاريخي الذي يشكل نهاية الاستعمار والاحتلال الأجنبي. عبد العزيز الورديغي: الدارالبيضاء حظينا باستقبال رائع في جميع المدن كغيري من المتطوعين، وبالرغم من صغر سني آنذاك، شاركت في المسيرة الخضراء بحماس منقطع النظير، وأعتز بهذه المشاركة، لأنها فتحت لي آفاقا عديدة في حياتي. ففكرة تنظيم المسيرة، في حد ذاتها، تحيلك على عبقرية المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، الذي لم يترك صغيرة ولا كبيرة، جعل العالم يلتفت لهذا الحدث التاريخي، الذي تطلب تنظيم لوجيستيكا ضخما، خصوصا وأن الأمر يتعلق بمشاركة ل350 ألف مشارك ومشاركة من مناطق مختلفة من المغرب نحو الصحراء، وتوفير ما يلزمهم من مواد غذائية ومعيشية ووسائل اتصال ونقل وكل المستلزمات الضرورية. لن أنسى الذكريات واللحظات الجميلة التي ماتزال ذاكرتي تختزنها عن مسار مشاركتي في المسيرة الخضراء. فكانت أول مرة، أقوم برحلة طويلة، جابت مختلف المدن المغربية، بدءا بمراكش التي زرتها لأول مرة في حياتي آنذاك، مرورا بأكادير وغيرها من المدن. ورغم طول المسافة للوصول إلى أقاليمنا الصحراوية، والمشاق والمتاعب الكثيرة، إلا أن إرادة الجميع كانت أقوى، حيث كان الجميع يردد النشيد الوطني، ويحمل في يده القرآن واليد الأخرى العلم الوطني. وأعتقد أن المسيرة الخضراء وحدث كل فئات الشعب المغربي من أجل تحرير الصحراء. وقد أعطى المغرب من خلال تنظيمه للمسيرة الخضراء، درسا بليغا في السلم والسلام. ومن بين الذكريات التي أحتفظ بها، حسن الإستقبال الذي كنا نحظى به من طرف المواطنين في المدن التي كنا نمر بها في اتجاه أقاليمنا الجنوبية. زاين حسن : الدارالبيضاء المسيرة الخضراء وحدت جميع المغاربة بمجرد إلقاء المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني لخطابه التاريخي حول نداء الصحراء سنة 1975، بدأ التنافس بين أفراد عائلتي التي تتكون من أب وثمانية إخوة حول من سيلبي النداء الوطني، و كانت الساعة تشيرآنذاك إلى حوالي التاسعة ليلا بمقر سكناي بحي عمر بن الخطاب بعمالة الفداء، بالدارالبيضاء، لينتهي الأمر بتسجيل إسمي رفقة أبي وأربعة من إخوتي من أجل حضور الملحمة التاريخية الخالدة، ليتم استدعائنا بعدها إلى مدرسة علال بن عبد الله المتواجدة بالقرب من حينا، حيث تم تسجيل أسمائنا إلى جانب جميع المتطوعين، لننتقل فيما بعد إلى عين السبع في حافلات. وما أثر في شخصيتي آنذاك هوز العدد الهائل من المتطوعين والمتطوعات الذي ناهز 350 ألف متطوع. وما أزال أحمل ذكريات جميلة عن هذا الحدث التاريخي المتميز الذي أعطى صورة رائعة عن إجماع المغاربة حول قضيتهم الأولى، الصحراء المغربية. كريوي حسن :الدارالبيضاء المسيرة الخضراء حدث القرن عد سماعي لخطاب جلالة الملك المرحوم جلالة الملك الحسن الثاني، لم أتردد ولو لثانية في تلبية النداء، ورغم صغر سني،- 16 سنة- تحمست كثيرا للمشاركة في المسيرة الخضراء، التي كانت تعتبر في نظري، مسيرة القرن، لدرجة أنني لم افكر نهائيا آنذاك، في موقف السلطات الإسبانية، وإن كانت ستتدخل في منع المسيرة أو لا. وعموما، مازلت أتذكر بافتخار مشاركتي في المسيرة الخضراء، التي عكست نضج المغاربة ووعيهم السياسي، حيث أثبتوا للعالم آنذاك، أنهم مسالمون ولا يحملون في أيديهم سوى المصحف الكريم والعلم الوطني. جناح محمد : الدارالبيضاء مسيرة سلمية مباشرة بعد إعطاء إشارة انطلاق المسيرة الخضراء من قبل جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله في 6 نوفمبر 1975 لاسترجاع الصحراء المغربية، لبيت النداء وعمري 20 سنة حينها، حيث شارك 350 ألف متطوع ومتطوعة مسلحين بالقرآن والأعلام المغربية، تأكيدا على أنها مسيرة سلمية، حيث انطلقت المسيرة في أجواء حماسية، ومرددين لنشيد صوت الحسن ونحن في طريقنا إلى صحرائنا الحبيبة. عبد الهادي غندومي المسيرة الخضراء درس وطني لكل الأجيال خلف الخطاب الحماسي لجلالة الملك الراحل الحسن الثاني صدى كبيرا وسط المغاربة، وهو ما جعل المغاربة بمختلف أعمارهم شيوخا وأطفالا، رجالا ونساء يلبون النداء دون تردد، إذ تحمست بدوري وكنت واحدا من هؤلاء المتطوعين لهذا الحدث التاريخي المتمثل في تنظيم مسيرة خضراء لاسترجاع أراضي أقاليمنا الصحراوية. كان عمري آنذاك لايتجاوز بعد 18 سنة، ومنذ ذلك اليوم، كلما حل يوم 6 نونبر، أحس كأنني ولدت من جديد، فقد شكل هذا اليوم، بعد مرور حوالي أربعين سنة، حدثا متميزا في حياتي آنذاك. وأملي أن تستوعب الأجيال الحالية، قيم هذه المسيرة الخضراء، المتمثلة في الوفاء للوطن والتضحية من أجله.ومنذ ذلك اليوم والإحتفالات سارية بمختلف ربوع المملكة ضمنها عمالة مقاطعة الفداء مرس السلطان التي حضرت دائما احتفالاتها السنوية .و من المنتظر أن تسجل احتفالات هذه السنة تنظيم مسيرة رمزية استثنائية سيرا على الأقدام بمختلف شوارع العمالة وبمشاركة كثيفة لمتطوعي الحدث التاريخي وأبناء المنطقة الغيورين عن وحدة الأقاليم الصحراوية. أحمد فيلاج : ازمور شاركت في المسيرة رغم رفض والدي بصفتي أحد أبناء أزمور الذين كان لهم شرف المشاركة في المسيرة الخضراء، لا يسعني إلا أن أعبر عن فرحتي وغبطتي، ونحن نخلد اليوم الذكرى الأربعين لانطلاق المسيرة الخضراء يوم 6 نونبر 1975 . كنت يومها أبلغ من العمر 21 سنة و رغم رفض والدي، إلا أني قررت المشاركة، حيث تجمع المتطوعون بملعب الحاج مروان ومنه إلى مولاي عبد الله. وكان الجميع يفيض حماسا وشوقا للوصول إلى أقاليمنا الصحراوية. ورغم مشاق الطريق والمخاطر، كانت إرادة قوية لدى الجميع، ولو عاد الزمن إلى الوراء، وطلب منا المشاركة، فسأكون من الأولين تلبية لنداء الملك والوطن. أود بالمناسبة أن أشير، أن بعض المتطوعين يعانون اليوم في صمت، حيث للأسف، لايتم استدعاؤهم حتى لحضور الاحتفالات التي تقام كل سنة، وهذا أضعف الإيمان. محمد الزويدي: إقليمآسفي أعتز بمشاركتي حين سألناه عن ذكرياته أيام المسيرة الخضراء، ومشاركته فيها ضمن وفد إقليمآسفي، سرح ببصره إلى البعيد وانطلق يحكي بفرحة وكأن شريط تلك المرحلة كان ينتظر منه الضغط على زر الاشتغال، حكى السي محمد عن بداية البدايات، حين ذهب لوحده ودون إخبار أي أحد من أهله وأصدقائه للتسجيل في قوائم المتطوعين في المسيرة الخضراء، وكيف أن الشخص المكلف بالتسجيل امتنع عن تسجيله بحجة عدم توفره على بطاقة التعريف الوطنية، لكن وأمام إصراره وعناده وحتى صراخه، "يضيف السي محمد"، أرغم الموظف على تسجيله في الكناش الأسود، تم عاد إلى بيته وهو يحسب أن الموظف أرضاه فقط بتسجيله بشكل صوري، وهو الأمر الذي جعله يعيش الأرق بشكل غريب، فكانت ليلة طويلة قضاها السي محمد يتقلب في الفراش، ترقبا لضوء الصباح، من أجل العودة إلى هناك والتأكد من تسجيله بشكل رسمي، حتى لا تفوته فرصة المساهمة في تحرير الوطن من براثن الاستعمار الإسباني. ومع الحكي، ينطلق الشريط بعد أن تأكد من موظف آخر بأن اسمه موجود ضمن لائحة المتطوعين، حينها أحس بسعادة غريبة، ترجمها بكونها الإحساس والشعور بالوطنية وتلبية لنداء الملك والوطن، سعادة أخفاها عن كل أقاربه ووالدته التي كان له معها حكاية لم تنقطع يوما إلى أن جاء اليوم الذي أخبر فيه بأنه عليه الاستعداد، فكانت الانطلاقة نحو مدينة آسفي، وبالضبط بدار الشباب علال بن عبد الله، حيت تم تجميع متطوعي الإقليم، وهناك تم توزيع الأغطية وبعض المواد الغذائية والمصحف الكريم وعلب سجائر، وهو يوم لم ينساه لأنه هناك اكتشف أعز أصدقائه وأحد أبناء عمومته الذين أخفوا تسجيلهم على الجميع. من آسفي الذي خرجوا منه في احتفالية شاركت فيها كل ساكنة المدينة، وداع لم ينساه ولم ينس الطريق التي احتشد فيها الجميع لتوديع محرري الصحراء، ومن هناك يروي السي محمد تفاصيل الرحلة على متن شاحنة كبيرة، تقاسمها مع شباب وشيوخ من مختلف مناطق المغرب، والتي عبروا بها إلى مراكش، تم من هناك نحو آكدير، حيث أكد بأنه ورغم طول الرحلة ومشاقها، فإنهم لم يشعروا بالتعب، بل كانوا يرددون الأغاني والمواويل والعيوط الشعبية والأغاني الوطنية، إلى أن وصلوا إلى نقطة التجميع الأخيرة، والتي اجتمع فيها كل متطوعي المسيرة من كل ربوع الوطن، لحظة لم ينساها أبدا، حماس ووطنية وإيمان، لم ينسى السي محمد تلك الصلاة الجماعية التي أداها وهو في الصفوف الأولى، وتلك اللحظات التي سبقت تكسير الحدود الوهمية، تم اللحظة التي أعلن فيها المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني عن التوقف بعد أن حققت المسيرة أهدافها. عاد السي محمد إلى مسقط رأسه، فكان الاستقبال استقبال المنتصرين، وكانت التهاني وكان الشعور بالافتخار الذي لازمه إلى اليوم، شعور يتجدد مع كل ذكرى للمسيرة، لكنه يظل حاضرا في كل وقت وحين، بتفاصيل صغيرة تقفز من هنا وهناك، عن تلاحم كبير بين المتطوعين والمسؤولين، عن صبر غريب ومعاناة لم تكن لتوقفهم عن استرجاع الوطن. جمال دحنون: آسفي مازلت أحتفظ بوسام المشاركة يحكي الأستاذ جمال دحنون، عن حكايته مع المسيرة الخضراء، بكون الأمر كله كان ولازال وكأنه حلم، طالب في الباكالوريا، يشارك في المسيرة الخضراء ، شاب في مقتبل العمر، قضى فترة تكوين في الإسعافات الأولية، رفقة مجموعة من الأصدقاء، لم يكونوا يعلمون بأن تكوينهم ذاك سيجعلهم يشاركون وهم شباب في أضخم وأعظم مسيرة سلمية يعرفها الكون. يتذكر الأستاذ جمال بأنه وبعد الخطاب الملكي للمغفور له جلالة الملك الحسن الثاني الذي أعلن فيه عن تنظيم مسيرة سلمية لاسترجاع الأقاليم الجنوبية من الاستعمار، تم الطواف على منازل المسعفين الذين تلقوا تكوينا في الإسعافات الأولية، من قبل أعوان السلطة من أجل اجتماع بمقر فندق "مرحبا"، وهناك كانت لحظات انتظار طويلة، بحيث "لم يكن أحد منا يعرف السبب ولم يخطر على بال أحد منا وأكثرنا طلبة بالثانوي، بأن الاجتماع سينتهي بالصعود لحافلات ستتجه بنا إلى أكادير، لم نودع عائلاتنا، فقط كان الأمر والتنفيذ، لم يعترض أحد، فقط كان طلبنا من السلطات بأن يخبروا الأهل بأننا ذاهبون إلى هناك". انطلقت الرحلة قبل منتصف نفس الليلة بقليل، حيث أخذتنا حافلات تحت حراسة رجال الدرك الملكي باتجاه أكادير، وبعد استراحة قصيرة، تحركت حافلاتنا باتجاه كلميم، هناك قضينا الليلة الأولى وهناك تسلمنا الخيام وآليات العمل والأدوية، وفي صبيحة اليوم الثاني انطلقت عملية توزيع المسعفين على خيام الهلال الأحمر لمغربي على طول الطريق الرابطة بين طانطان ومنطقة "أخفنير"، وهناك انطلق عملنا كمسعفين، حيث أصبحت تلك الخيام وبمختلف النقط مقصدا لكل المشاركين والمشاركات في المسيرة الخضراء، فكل من أحس بألم أو مغص، أو حمى أو أي مرض يتجه إلى خيامنا، لتلقي الإسعافات الأولية قبل أن يُعرض على الأطباء الذين جاؤوا هم كذلك من مختلف الأقاليم. وحين استقرالمتطوعون في نقطة التجميع الأخيرة قبل اقتحام الحدود الوهمية، كان دوري ودور المسعفات والمسعفين أكبر، حيث عمل الهلال الأحمر المغربي على توزيع المسعفين والمسعفات على مختلف المستشفيات المتنقلة التي تمت إقامتها بمخيمات الأقاليم المشاركة، وهو ما أعطى دفعة قوية للعمل الطبي، بحيث خف الضغط وكان عملا أكثر من رائع تختلج فيه المهنية بالوطنية والكفاح ضد المستعمر. وقد كان لي شرف زيارة كل المخيمات التي تمثل كل أقاليم وعمالات المملكة، بحكم أن مهمتي كانت تتمثل في توزيع المعدات والمواد الغذائية على المسعفين المشتغلين بالوحدات الطبية بتلك المخيمات، وبالتالي تعرفت على أكبر مخيم وطني، جمع ساكنة الشرق بساكنة الغرب والوسط والجنوب، على أن أجمل ذكرى ونحن هناك، فتمثلت في الزيارة التي قامت بها الأميرة الجليلة لالة مليكة رئيسة الهلال الأحمر المغربي للمسعفين والمسعفات ولأطر الهلال الأحمر المغربي التي شاركت في المسيرة، كما كان لي شرف التواجد في الصفوف الأولى التي حطمت الحدود الوهمية، إلى جانب مجموعة من القيادات الوطنية والسياسية، وحين توقفت المسيرة بأمر ملكي، عاد المشاركون إلى مدنهم، وكان لزاما أن نمكث هناك شهر ونصف، لدرجة أن أهالينا اعتقدوا أننا أصبحنا من المفقودين، إلى أن عدنا صباح أحد الأيام ونحن نحمل وساما غاليا يتجلى في مشاركتنا ونحن شبابا في أعظم مسيرة عرفها الكون، وكان ذلك شرفا ومعه ذكريات نتقاسمها مع أصدقاء طفولة جمعنا الهلال الأحمر تم المسيرة الخضراء وحب الوطن.