أكد وفد الأحزاب اليسارية المغربية، في ندوة صحفية عقدها اليوم الجمعة بالرباط، أن مهمته إلى السويد لإجراء سلسلة من اللقاءات مع قادة سياسيين ونواب يمثلون مختلف تيارات المشهد السياسي في هذا البلد ، كانت مهمة "ناجحة بامتياز". وأشار أعضاء الوفد، الذي قادته الأمينة العامة لحزب اليسار الاشتراكي الموحد، السيدة نبيلة منيب، وضم كلا من محمد بن عبد القادر عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ورشيدة الطاهري عن حزب التقدم والاشتراكية، ومصطفى بوعزيز عن حزب اليسار الاشتراكي الموحد، إلى أن هذه الزيارة ، التي استغرقت يومين،" تعتبر خطوة إيجابية" ينبغي أن تحفز المغرب على "وضع استراتيجية متكاملة وتشاركية عميقة تنبني على الحق والقانون وعلى المعطيات الدقيقة".
وفي هذا السياق، ذكرت منيب أن الوفد أجرى اجتماعات مثمرة مع سياسيين وبرلمانيين وفاعلين من المجتمع المدني ورؤساء مؤسسات للبحث سويدية وأجنبية بخصوص تطورات موقف ستوكهولم إزاء الوحدة الترابية للمملكة ، مشيرة إلى أن الوفد قام بتوضيح كل الملابسات التاريخية والإنسانية التي تحيط بقضية المغرب الأولى .
وبعدما أكدت "وجود خطر محذق" بهذه القضية، لاسيما في ظل تغلغل كبير للانفصاليين في المجتمع المدني السويدي ، لفتت الانتباه إلى أن الدولة السويدية " لا دراية ولا إلمام شامل لها بقضية الصحراء المتشعبة ".
ومن هذا المنطلق، دعت إلى تحريك " ديبلوماسية قوية، ديبلوماسية مغربية تشاركية تعرف قيمة الفاعلين الكثر في المغرب من سياسيين وحقوقيين واقتصاديين ومثقفين"، فاعلين " لهم كامل الأهلية الكفيلة بتحمل عبء القضية، قضية الشعب المغربي بكامله وليس قضية نظام مثلما هو الأمر بالنسبة للجزائر".
وأكدت منيب أن المسؤولين السويديين "طمأنوننا" بأن لاوجود في أجندتهم للاعتراف "بالجمهورية الصحراوية" المزعومة، مشيرة إلى أن الوفد أبلغ مخاطبيه السويديين بأن التطورات التي يشهدها العالم حاليا تستدعي تظافر الجهود البناءة، وأن "التاريخ يتقدم بشكل كبير بالتوافقات التاريخية الكبرى". ومن جانبها قالت السيدة رشيدة الطاهري عن حزب التقدم والاشتراكية، إن برنامج الوفد الحزبي المغربي كان مكثفا ومثمرا، ونجح في إيصال الموقف المغربي من قضية أقاليمه الجنوبية إلى أعلى مستويات الدولة السويدية ، مشددة على ضرورة مأسسة هذا اللقاء في إطار استراتيجية متكاملة على المستوى الديبلوماسي .
وشددت الطاهري، وهي عضو اللجنة المشتركة للبرلمان المغربي الأوروبي ، على ضرورة تعزيز دور الدبلوماسية الموازية بكل مكوناتها وأن لا يقتصر دور الأحزاب والبرلمانيين على دور "الإطفائيين ".
أما محمد بن عبد القادر عضو حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، فقد أكد من جهته ، أنه لأول مرة من الجانب السويدي والمغربي يتم " تدشين حوار سياسي مؤسساتي ما بين أحزاب اليسار المغربية وأحزاب اليسار السويدية".
وأوضح المسؤول الحزبي، الذي اعتبر مبادرة الوفد اليسار المغربي "مبادرة موفقة و محفزة" أن الوفد المغربي ظهر في مهمته " بحلة متحضرة ومنسجمة"، مؤكدا، في نفس الوقت، على أهمية تفعيل دور الديبلوماسية الحزبية وجعلها تشتغل بتكامل تام مع الديبلوماسية العمومية والرسمية .
أما مصطفى بوعزيز عن حزب اليسار الاشتراكي الموحد، فقد صرح بأن الوفد المغربي ، بطريقة عرضه للقضية المغربية، وبالشكل الذي أرسى فيه نقاشا ديمقراطيا، وخطابا ينبني على مفاهيم حقوقية وديمقراطية، استطاع أن يخلق "ارتباكا " لدى المخاطبين السويديين الذين أعربوا عن جاهزيتهم لإعادة النظر في ملابسات قضية المغرب الأولى .
كما أشار إلى أن مهمة الوفد الحزبي المغربي إلى ستوكهولم وجدت نفسها أمام ثلاث عقبات أساسية، لم يكن من السهل تخطيها، والتي تمثلت في " التعاطف الكبير للمجتمع المدني السويدي مع قضية "البوليساريو" وسكان المخيمات في تندوف، والصورة السلبية عن المغرب لدى هذا المجتمع، فضلا عن ملف الاعتراف وآلياته الداخلية غير المعروفة بالتدقيق".
يشار إلى أن الحكومة والأحزاب السياسية وكافة مكونات المجتمع المغربي أجمعوا على الإدانة الشديدة للتطورات الخطيرة في موقف ستوكهولم حيال قضية الصحراء المغربية، مؤكدين اللجوء إلى كافة وسائل الضغط المتاحة لإفشال أي محاولة للاعتراف بالكيان الوهمي.