أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اليوم الثلاثاء بنيويورك، أن المقاربات المعتمدة في مجال محاربة التطرف والإرهاب، ينبغي أن تقوم على شراكات من التعاون الصادق، والوفاء بالالتزامات. وقال جلالة الملك في الخطاب السامي الذي وجهه جلالته إلى (قمة القادة حول مكافحة تنظيم " داعش " والتطرف العنيف)، والذي تلاه وزير الشؤون الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار، إنها "مسؤولية جماعية لا ينبغي، بأي حال من الأحوال، أن تكون رهينة حسابات أو مزايدات ضيقة، أو موضوع استعلاء أو تحقير" مضيفا أن محاربة هذه الآفة، "يجب أن تقوم على توافر إرادة جماعية قوية، وعلى التنسيق والتعاون الثنائي والإقليمي في القيام بالعمليات الميدانية، وعلى تكامل واندماج الاستراتيجيات الوطنية".
وأكد جلالة الملك أن المعركة ضد التطرف والإرهاب، يجب أن تتسم بالقوة والعمق، من أجل جعل المواطنين أكثر ثقة ودعما للأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لبلدانهم، وتحصينهم ضد الأوهام، التي تقدمها لهم الإيديولوجيات المتطرفة.
كما ينبغي، يضيف جلالة الملك، إعادة الاعتبار للقيم الدينية والروحية والثقافية والإنسانية، لأنها تفضح الادعاءات الفارغة، وتدحض المبررات المغلوطة، التي يستند عليها المتطرفون، في تفسير عملياتهم الوحشية.
وأبرز جلالته أن التحدي الأكبر في محاربة التطرف والإرهاب، يبقى هو الإيمان الجماعي بأن هذه الآفة العالمية، لا يمكن ربطها بأي دين أو حضارة أو ثقافة.
فالجهود الدولية، يقول جلالة الملك، يجب أن تقوم، على المساواة والاحترام المتبادل للهويات والخصوصيات الثقافية للشعوب، ولمعتقداتهم الدينية وقيمهم الروحية.
وشدد جلالته أيضا على أن المعركة ضد التطرف، يجب أن ترتكز أيضا على تمكين الشباب والنساء من تربية منفتحة، تنهل من المبادئ والمرجعيات الأصيلة لمجتمعاتهم في تشبع بالقيم الكونية ، لتحصينهم من نزوعات التعصب والانغلاق، وكذا الحرص على " تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعناها واتفقنا عليها جميعا، لأنها تضمن حياة أفضل للمواطنين، وتؤسس لعالم أكثر استقرارا".
وأشار جلالة الملك محمد السادس إلى أنه رغم تعدد المبادرات والأجوبة، التي تقدمها المجموعة الدولية، بما فيها العمليات العسكرية والأمنية، إلا أن العديد من البلدان، ما تزال تتعرض للضربات المؤلمة للإرهاب المقيت، الذي لا دين له ولا وطن.
فجماعات التطرف والإرهاب، يقول جلالة الملك، تواصل عملياتها الحقيرة، في قتل الأبرياء، وتخريب البنيات الاقتصادية، وتدمير رموز ومظاهر التراث والحضارة الإنسانية، التي تم بناؤها منذ قرون من الزمن، كما تستهدف المس بالوحدة الترابية للدول، وزعزعة أمن الشعوب، وطمأنينة بني البشر، وتخريب الروابط الاجتماعية والثقافية والقيم الإنسانية، التي تجمعهم.
وقال جلالة الملك "إن الانتشار المقلق لهذه الآفة العالمية، يسائلنا جميعا ويدعونا للمزيد من التنسيق والتعاون، وترشيد الوسائل المتاحة، من أجل تحرك أكثر نجاعة وتأثيرا ".
وأكد جلالته أن الأبعاد الأمنية والعسكرية والقضائية ، لها دورها الكبير في محاربة التطرف والإرهاب. إلا أنها تبقى لوحدها غير كافية، وهو ما يقتضي بلورة استراتيجية مندمجة، تشمل أيضا النهوض بالجانب الاجتماعي والتنموي، إضافة إلى الدور الهام للبعد التربوي والديني، في نشر ثقافة التسامح والاعتدال.
وأشاد جلالة الملك محمد السادس بمبادرة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالدعوة لهذه القمة التي تأتي تعزيزا للدينامية القوية، التي أطلقتها القمة المنعقدة بالبيت الأبيض، في شهر فبراير الماضي، لمحاربة التطرف والإرهاب.
كما تعكس، يضيف جلالته، تنامي الوعي لدى المجموعة الدولية، بمدى خطورة الوضع، وبضرورة تضافر الجهود، من أجل التصدي للتهديدات الإرهابية المتزايدة.
وأكد جلالة الملك بأن المغرب، الذي انخرط في المسار المؤسس لقمة واشنطن، سيواصل دعمه للأهداف والتوصيات التي صدرت عنها، والانخراط في الجهود الدولية الهادفة لتوطيد الأمن والاستقرار، عبر العالم، والدفاع عن القيم الإنسانية الكونية.