يبدو أن الاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني سيحرق نفط الجزائر، الحليف الوحيد في شمال إفريقيا لطهران، وستكون له انعكاسات خطيرة على الاقتصاد الجزائري، المبني على حسابات البرميل، لكن الجزائر أو جنيرالاتها "حسبوا لوحدهم"، ولم يتوقعوا أن سعر النفط سيهبط عن المائة دولار فنزل إلى نصف هذا المبلغ. لقد توقع البنك الدولي أن يكون لرفع العقوبات عن إيران تأثير "كبير" على الأسواق العالمية للنفط وأن ينخفض سعر برميل النفط نحو عشرة دولارات عام 2016.
وجاء في تقرير للبنك الدولي، نُشر الاثنين الماضي، "أن العودة الكاملة لإيران إلى السوق العالمية ستضيف نحو مليون برميل يوميا، وسينخفض بالتالي سعر البرميل نحو عشرة دولارات العام المقبل".
وفي حال صحت هذه التوقعات فهذا يعني أن سعر البرميل سينخفض نحو 21% عما هو عليه اليوم.
وأضاف البنك الدولي أن رفع العقوبات عن إيران سيحيي الاقتصاد، حيث ستبلغ نسبة النمو 5% عام 2016 مقابل 3% هذا العام.
وتوقع التقرير أن تزيد الصادرات النفطية الإيرانية بما قيمته 17 مليار دولار، كما أعلن أن المبادلات التجارية مع إيران ستزيد خصوصا مع بريطانيا والصين والهند وتركيا والسعودية.
فقبل هذا التقرير وقبل أن تنخفض أسعار النفط السنة المقبلة، كانت الجزائر قد دخلت مرحلة الانهيار الشامل لأن ميزانيتها تبنى بشكل شبه كلي على عائدات النفط والغاز، التي تشكل حوالي 95 في المائة من الميزانية العامة، ومن تم فإن الانخفاض إلى النصف في أسعار البرميل يعني خفض الميزانية إلى النصف، وفي غياب أي مورد للتعويض فإن الجزائر ستدخل مرحلة الموت المعلن.
وبحسب صندوق النقد الدولي، تحتاج الجزائر إلى زيادة سعر البرميل إلى أكثر من 120 دولار لتجنب الصعوبات الاقتصادية، رغم أن لديها احتياطي أجنبي بقيمة حوالي 200 مليار دولار، وتمويل احتياطي بترول بقيمة أكثر من 50 مليار دولار، وهو الشيء غير الممكن.
إذا كان الاقتصاد الجزائري يعاني منذ بدء الأزمة الحالية وانخفاض أسعار النفط في السوق العالمي، فإن هذا البلد، الذي بنى اقتصاده على النفط بدل الاستثمار سيعاني أكثر مع اكتمال عناصر رفع الحظر عن إيران.
ولا يبدو في الأفق أن النظام الجزائري سيدخل مرحلة الاعتماد على الاستثمار بدل الاعتماد على عائدات النفط وحدها، لأن الاستثمار يتطلب الشفافية والحكامة الجيدة، بينما يعيش النظام في الجزائر على الغموض والالتباس، اللذين بواسطتهما يهيمن على خيرات البلاد، ومع دخول ايران إلى السوق العالمية ستصبح الجزائر دولة فقيرة ومتخلفة تبيع أراضيها للمليشيات والمرتزقة..