الجيش الجزائري جزء من مشكلة العنف الطائفي والعرفي بمنطقة غرداية. فالجنيرالات هم الذين يحكمون وما بوتفليقة سوى رئيسا شبحا شأنه شان الموظفين الأشباح. والجنيرالات يعرفون أنه لا شرعية ولا مشروعية للنظام الذي يديرون دفته من "تحت التحت" وأن الرئيس العاجز لا يمثل الشرعية بتاتا، خصوصا بعد انفضاض الأحزاب من حوله، وفي غياب الشرعية يبحث الجنيرالات عن أحداث يعلقون عليها بقاءهم في السلطة، ولهذا لا يستبعد الخبراء أن يكون الجيش هو الذي يقف وراء تأجيج العنف الطائفي والعرقي. ولهذا لا يمكن أن يكون الجيش طرفا في الصراع وحكما في معادلة الحل، وبالتالي سيلجأ فقط إلى استعمال القوة المفرطة، وخصوصا ضد المحتجين على العنف الطائفي وليس ضد المتصارعين، الذين بث بينهم من يصب الزيت على النار. فقرار تعبئة الجيش من أجل تسوية النزاع قرب غرداية، يثير تحفظات في الجزائر، مشيرة إلى أن أعمال العنف بين العرب والامازيغ بمنطقة مزاب اتخذت "منحى حرب اهلية". وكانت الحكومة الجزائرية قد كلفت الجيش والقضاء إنهاء أعمال العنف بين العرب والامازيغ في منطقة غرداية بالجنوب والتي أسفرت عن اكثر من 25 قتيلا وعشرات الجرحى في الأيام الأخيرة. ولاحظ مراقبون أنه لم يتم نشر أي جندي في هذه المنطقة التي قتل فيها 25 شخصا ليل الثلاثاء الاربعاء، وهذه اكبر حصيلة منذ بدء الأزمة بين العرب والامازيغ في دجنبر 2013 وذلك بسبب استخدام الأسلحة النارية لأول مرة. ويتعايش في هذه المنطقة منذ قرون المزابيون (قبائل زناتة)، وهم اقلية اثنية دينية من البربر الاباضيين، وعرب يتبعون المذهب المالكي (مسلمون سنة). وانضم إليهم على مر العقود سكان آخرون اجتذبهم التمدن واكتشاف النفط في حقول قريبة. لكن المهتمون يرون أن "الحل العسكري" لم يسفر عن أي نتيجة. وان "الأزمة هي وجه من الوجوه التي تعبر عن أزمة الدولة الوطنية التي لم تعمد إلى الاستفادة من خصوصية المناطق بل تجاهلت أشكال التنظيم الذاتي المتوارثة عبر الأجيال". يجسد الجرح الجديد الذي فتح بغرداية، المنطقة التي توجد منذ مدة طويلة في نفق مظلم، فشل نظام بلغت طرق حكمه القائمة على ثنائية القمع والفساد، نهايتها. فالعامل العرقي أو المذهبي هو فقط أحد منافذ مشاعر الاستياء الشديدة الارتباط بالوضعية الاجتماعية والاقتصادية لجزء كبير من المواطنين، لاسيما الشباب الواقع تحت طائلة البطالة المتوطنة في هذه المنطقة من الجنوب الجزائري التي لازالت تنتظر حظها من التنمية الموعود بها رسميا، وإن كان ذلك بعيدا عن التحقق، لأن الواقع يقول ذلك. إن "عجز" و"إفلاس" الدولة، وصفان ترددا على ألسنة زعماء سياسيين خلال حديثهم عن مجزرة غرادية، بما يمثل إجماعا على عمق أزمة الحكامة بالجزائز. وشعار الحكومة الجزائرية هو: داويني بالتي كانت هي الداء. الجيش طرف في الأزمة بل صانع لها ولا يمكن أن يكون حلا لها.