في سابقة تعد الأولى من نوعها في المغرب، دعا عبد الكريم بنعتيق، الوزير الاتحادي السابق وعضو المكتب السياسي لحزب الوردة، جبهة "بوليساريو" إلى تأسيس حزب سياسي لها في المغرب، وذلك في مقال نشر اليوم الخميس بيومية الاتحاد الاشتراكي تحت عنوان "جبهة البوليزاريو ومشروع حزب سياسي". واستندت دعوة بنعتيق لجبهة "بوليساريو" على القرار الأممي الأخير المتعلق بالقضية الوطنية، التي عرفت، بشهادة جل المتتبعين لهذا الملف، تحولا نوعياً في إدراك المنتظم الأممي لتعقيدات هذا الإشكال المفتعل الذي تحول مع مرور السنين من خلاف مغربي جزائري ذي طبيعة إقليمية إلى موضوع يهم استقرار منطقة أصبحت حساسة أمنياً بالنسبة لجزء أساسي من أوربا الجنوبية، لاسيما فرنسا وإسبانيا وإيطاليا.
هذا الإدراك الجديد، يضيف بنعتيق، عند بعض الفاعلين الأساسيين والمؤثرين في العلاقات الدولية، جاء نتيجة بروز بؤر توتر عديدة، المتحكم فيها ليس من طرف الدول المنظمة بهياكلها ومؤسساتها المتعارف عليها، بل من قبل تنظيمات إرهابية ينتمي المنخرطون في مشروعها إلى فضاءات جغرافية مختلفة. فالأوربي يتعايش في نفس الخلايا الإرهابية مع آخرين منحدرين من دول إفريقية أو عربية أو أمريكية تجمعهم عقيدة التطرف الديني. هذا التغيير له صداه كذلك في أوساط النخب الصحراوية التي تعيش في الشتات، لاسيما في اسبانيا وموريتانيا وفرنسا.
فهؤلاء، يستطرد بنعتيق، يتابعون من المهجر تطورات القضية التي بدأت بحلم إنشاء كيان تحت وصاية الجزائر المتشبعة آنذاك بأفكار المعسكر الشرقي، في مقابل المغرب الذي يتقاسم في نظرهم قيم الليبرالية مع المعسكر الغربي. ولم يكن يعتقد شباب النواة الأولى للجبهة أن القطيعة مع المغرب، سيكون ثمنها مكلفاً لهم، ولمن أقنعوهم بالرحيل إلى تندوف.
جزء كبير من شباب الأمس تغيرت أحلامهم وأصبحوا أكثر واقعية، ويعتبرون أن الحل يكمن في تغيير الرؤية ومنهجية العمل قصد التكيف مع السياقات الدولية الجديدة بمقاربات براغماتية تسعى إلى مناقشة وتعميق الأفكار الواردة في المشاريع والمقترحات المطروحة من طرف المنتظم الدولي، عوض الاستمرار في التشبث بأفكار غير قابلة للتنفيذ.