بعدما دخلت في حالة هذيان هستيرية من أجل إفشال منتدى كرانس مونتانا، تكون الدبلوماسية الجزائرية قد منيت مجددا بفشل ذريع وهي تشهد تنظيم هذا الحدث المتميز بمدينة الداخلة الهادئة، التي تنعم بخليجها الجميل ومناخها الساحر. فقد شحذ رئيس هذه الدبلوماسية كافة أسلحته من أجل "تحسيس وثني" المشاركين - على حد تعبير الصحافة الجزائرية - عن المجيء لمدينة الداخلة بجنوب المملكة، التي لا يمكن لازدهارها سوى أن يؤجج حسد الحاسدين.
وكانت إحدى وسائل الإعلام الجزائرية المعروفة عموما باطلاعها الجيد، قد ذكرت أن "الجزائر تعبئ دبلوماسيتها من أجل إفشال هذه التظاهرة ونزع الحمولة الرمزية لانعقادها" بالداخلة.
وكشف المصدر ذاته أن رمطان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائري، "طلب من التمثيليات الدبلوماسية الجزائرية في مختلف البلدان المشاركة، التجند من أجل + تحسيس وثني + هذه الدول عن المشاركة في منتدى كرانس مونتانا بالداخلة".
ومن الواضح أن الدبلوماسية الجزائرية اضطرت إلى الخروج من الظل بعد أن لاحظت أن التصريحات المثيرة للسخرية لدمى البوليساريو التي قامت بالتشهير بالمنظمين، كانت فارغة وبلا قيمة.
وبصرف النظر عن القسط المعتاد من الصخب والعجيج، فقد صارت ندوات عصابة عبد العزيز أقرب إلى حصص للعلاج الجماعي لأشخاص ميئوس من حالهم منها إلى لقاءات سياسية.
وقد قادت الصحافة الجزائرية، التي تم تسخيرها أيضا في هذا المسعى الرامي إلى إفشال هذا الحدث، حملة شعواء لتلطيخ سمعة منتدى كرانس مونتاتا، وبصفة خاصة رئيسه الذي تعرض لإساءات مختلفة من طرف وسائل إعلام قريبة من مراكز صنع القرار بالجزائر.
ولم تفلح تحذيرات البوليساريو ولا حملة الدبلوماسية الجزائرية في النيل من عزيمة رئيس منتدى كرانس مونتانا، جون بول كارترون، الذي رأى أن مثل هذه التهجمات لا تعدو أن تكون محاولة لإثارة صخب إعلامي ذهب أدراج الرياح.
وأكد كارترون أن الوقت قد حان لكي ينظم هذا المنتدى بالداخلة للسماح لذوي النيات الحسنة بالتلاقي وتبادل الآراء وتأسيس نموذجهم الخاص في الحوار. وفي ذلك تأكيد على أن زمن الخداع والصور الجاهزة قد ولى تاركا المكان للحقائق الملموسة التي جعلت من الداخلة "نموذجا" للتنمية في المغرب وبالنسبة لإفريقيا قاطبة.
وفي حرب الإرادات هذه، رجحت كفة العقل والحكمة والواقعية، بما أن هذا المنتدى يعرف مشاركة 112 بلدا من مختلف انحاء العالم منها 36 بلدا إفريقيا، القارة التي تزعم الجزائر أنها تحظى بداخلها بأكبر عدد من الأصوات الداعمة لمصالح محمييها بتندوف.
وبالنسبة للمنظمة السويسرية المشرفة على المنتدى فإن "نجاح هذا الحدث الاستثنائي فريد من نوعه على امتداد ال30 سنة من تاريخ المنتدى"، موضحة أن أزيد من 800 مشارك حلوا بالداخلة من ضمنهم حوالي 600 جاؤوا من الخارج، ومن بينهم نحو مائة من رؤساء الدول والحكومات والوزراء ورؤساء البرلمانات والبرلمانيين، إلى جانب رؤساء دول سابقين ومسؤولين دوليين سامين وممثلي هيئات إقليمية ودولية.
وتأتي خيبة الأمل الجديدة للدبلوماسية الجزائرية لتنضاف إلى الانشغالات التي تركتها الجولة الأخيرة للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، كريستوفر روس، الذي يبدو من الواضح أن زيارته لتندوف نالت من حماسة البوليساريو.