اختار منتدى كرانس مونتانا المرموق مدينة الداخلة لاحتضان دورته السنوية، التي تنطلق اليوم الخميس وتمتد على ثلاثة أيام. وقال رئيس المنتدى جون بول كارتيرون في تصريح صحفي "اختار منتدانا مدينة الداخلة ليعقد فيها اجتماعه السنوي لسنة 2015، وهو اجتماع استثنائي يطمح ليكون مبادرة كبيرة من أجل السلم وفرصة للجميع من أجل اللقاء، والتعارف والتحدث". وقال إن الداخلة "تعد بطبيعتها نموذجا لمستقبل المغرب وإفريقيا وتحظى بموقع استراتيجي متميز كهمزة وصل على المستويين الاقتصادي والتجاري". وأوضحت المؤسسة السويسرية في بلاغ أن منتدى كرانس مونتانا معروف منذ ثلاثين عاما بعمله من أجل بناء عالم أكثر إنسانية ونزاهة. وأشار رئيسها إلى أن "الهدف ليس هو الدخول في صراعات جدلية عفا عنها الزم ، وإنما خلق فرصة بالنسبة لكبار ممثلي إفريقيا وباقي العالم".
وأضاف أن هذا الحدث سيخول أيضا لساكنة الداخلة التحاور وتقاسم مشاريع ورؤى المستقبل. ويرى جون بول كارتيرون أن هذا البعد ضروري بالنسبة لكبار الفاعلين الأوروبيين والدوليين، لأن هذا المنتدى الاستثنائي سيشكل فرصة لتقييم التقدم الذي أحرزه هذا الجزء من العالم اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا. وقال رئيس المنتدى "بعيدا عن خلافات الحرب الباردة والصراعات الإفريقية التقليدية المؤسفة، تقدم جهة وادي الذهب بالفعل نموذجا وآفاقا تشكل دون شك علامات بارزة ومرجعا لتسوية النزاعات في إفريقيا وسيلتئم في اجتماع منتدى كرانس مونتانا في الداخلة قادة دول وحكومات ووزراء ومنظمات دولية وإقليمية وبرلمانيون ومؤسسات مالية ومنظمات أرباب العمل والمهنيين لمعالجة الإشكاليات الرئيسية والآفاق بالنسبة لإفريقيا، خاصة في إطار التعاون جنوب- جنوب".
إغراء الجغرافية
من لم يزر مدينة الداخلةبالجنوب المغربي ضيع الكثير من المغرفة بالمغرب. مدينة هادئة على المحيط الأطلسي. شبه جزيرة تعانق البحر ولهذا سميت داخلة. نالت رونقها من مناظرها الطبيعية. من موقعها الجغرافي المتميز بين البحر والصحراء. هذه هي الداخلة التي تدخل جوانح زائريها وتملك عليهم لبهم. من زارها مرة أصبحت محجا له. تلك مقومات تجعل منها مدينة في مصاف المدن السياحية الكبرى بالعالم. صنفتها نيويورك تايمز ضمن قائمة حصرية لأفضل الوجهات العالمية، في 2012. الداخلة ثاني أكبر مدينة بالصحراء المغربية بعد عيون الساقية الحمراء. تقع الداخلة على مقربة من الحدود المغربية الموريتانية.
الداخلة عاصمة وادي الذهب، تسحر زائريها من النظرة الأولى. مدينة أنيقة لا تعثر فيها على أوساخ. يتوافد عليها سياح كثيرون من جميع أنحاء العالم. الداخلة تتميز أيضا بثروتها السمكية وجودة أنواعه. لا يمكن أن تزور الداخلة ولا تأكل من أسماك القرب. قطبانه شهية وممتعة. في البداية كانت عبارة عن قصبة للصيد شيدها المحتل الإسباني سنة 1884، وتطورت مع خروج المستعمر إلى مدينة جميلة بفضل سياسة البناء الموازية لسياسة التحرير. لم تقف مناورات الخصوم والمرتزقة أمام الدولة المغربية للاستثمار في العمران قصد تأهيل الإنسان. بعدما كان الجمل يموت جوعا، أصبت المنطقة اليوم تحظى بأنواع مغرية من الفلاحة. الصحراء خضراء جزء من معجزات هذا البلد.
الخليج المغربي
تحولت الداخلة إلى وجهة مفضلة لممارسي رياضة ركوب الأمواج (الركمجة) والكايت بورد. خليجها الرائع يغري ممارسي هذه الرياضة. مدينة جميلة. خليجها يسلب الناظر. الداخلة دخلت عروق أهلها وسكنت قلوبهم. وليس أهلها ساكنوها وحدهم. بل حتى من لم يراها من المغاربة. تمتد على 40 كيلومتر داخل البحر. هذا الموقع يغري هواة الركمجة بركوب أمواج هذا البحر. بحيرة الداخلة، التي تقع في شمال خليج وادي الذهب، بفضل شاطئها الفسيح والممتد وأمواجه المتوسطة، تعد الداخلة منطقة آمنة و بدون أخطار تقريبا لممارسة رياضة التزحلق على الماء للمبتدئين.
طالما سعت مدينة الداخلة إلى أخذ موقع متميز على خارطة الرياضة البحرية العالمية، ويبدو أنها تتمكن من تحقيق ذلك، إذ أصبحت الداخلة تستقطب ممارسي رياضات التزحلق على الماء، حيث باتت تستقبل من حين لآخر أبطالا عالميين في التزحلق للتدريب. الداخلة بفضل كل هذه المؤهلات تحتضن سنويا مهرجان البحر والصحراء، الذي تسعى من خلاله جذب المستثمرين السياحيين وتعريفهم على القدرات السياحية للمنطقة، كما يمكن آلاف الحاضرين لفعاليات المهرجان من مغاربة وأجانب من اكتشاف الثقافة الأصيلة والطبيعة الجذابة للمنطقة.
الصيد البحري عماد وعمدة اقتصاد مدينة تركها المستعمر وكأنها شيء لم يذكر. اليوم الداخلة معروفة في كل أنحاء العالم. الصيد محور. وحوله تقوم الصناعات التحويلية من تصبير الأسماك وتصديرها. ميناؤها اليوم أهم ميناء في هذا المجال على مستوى القارة الإفريقية. نيويورك تايمز صنفتها ضمن قائمة حصرية لأفضل الوجهات العالمية، برسم سنة 2012، وهي في طور التحول لتصبح "إحدى الوجهات المفضلة الأكثر في العالم، بالنسبة إلى هواة ركوب الأمواج". وفي ملحقها السياحي قالت الصحيفة الأمريكية الأكثر شهرة "إنه علاوة على امتداد رملي يقع بين المحيط الأطلسي وبحيرة هادئة، فإن هذه المدينة توفر للسائح فرصا مهمة، ضمن بيئة تحتضنها الشمس، ومناخ مفعم بالثقافة الصحراوية".
فمدينة الداخلة، التي تؤمن الولوج إليها شركة الخطوط الملكية، متاحة ليس فقط بالنسبة إلى ذوي القدرة الشرائية المحدودة، لكن أيضا لهواة السياحة الفاخرة، مثيرة الانتباه إلى أن هذه المدينة توفر أيضا، باقة متنوعة من المطاعم والمقاهي ذات الإقبال الكبير. وتوجد الداخلة في قائمة نيويورك تايمز، التي تضم 45 وجهة مفضلة في العالم، إلى جانب باناما سيتي، وهافانا، وأوكلاند (كاليفورنيا)، وبتاكوني (الشيلي)، ولندن، وميانمار، وغيرها.
وأصدرت الصحيفة وثيقة تحت عنوان "الداخلة: البعد الآخر.. الحداثة الجديدة"، التي تهدف إلى جعل مدينة الداخلة تكون على قدر التصنيف التي أدرجت فيه من قبل الصحيفة الأمريكية.
اقتصاد صاعد
تتضمن وثيقة "البعد الآخر" خططا ترمي لتعزيز المجال السياحي، حيث توفر المناطق المجاورة للمدينة ستة أقطاب سياحية متمثلة في وحدة التهيئة السياحية، التي يوفر الشطر الأول منه 400 غرفة، ومشروع الفارو، الممتد على مساحة 200 هكتار. وسيوفر 200 سرير. أما مشروع المحطة الحرارية، الذي يقع في منطقة طاورطا، على بعد 15 كيلومترا شمال الداخلية، فمن المنتظر أن يحقق 100 سرير لهواة المحطة الاستجمامية، في حين يمتد مشروع النقطة الكيلومترية 25، على مساحة 20 هكتارا، وسيحقق 200 سرير. في الإطار ذاته، يجري إنجاز مشروع المحطة الاستجمامية كراريت فرتيت، الممتد على 400 هكتار، ومن المتوقع أن يضيف 5 آلاف سرير، في وقت ينتظر أن يضيف مشروع المحطة الإيكولوجية بورتو ريكو 3300 سرير، في الوحدات المنتظر إنجازها، وهي قرى سياحية إيكولوجية موجهة إلى هواة هذا الصنف من السياحة.